ياسر عواد المغامسي

«أنا طفشان.. ماذا أفعل؟»

السبت - 08 يوليو 2023

Sat - 08 Jul 2023

لعل عبارة «أنا طفشان.. ماذا أفعل» من أكثر الكلمات التي يسمعها الآباء والأمهات من أبنائهم في هذه الفترة بالذات، فترة الإجازة الصيفية، يرددها الأبناء في كل يوم وفي كل ساعة، ورغم المحاولات والاقتراحات التي يقدمها الوالدان لأبنائهم إلا أنها في الغالب لا ترضي ذائقتهم، ولا تجيب عن تساؤلهم المحير.

وتكمن صعوبة الإجابة عن هذا التساؤل في أن ذائقة الأبناء من هذا الجيل أصبحت صعبة، ولا يعجبهم شيء، وفي ظني أن مرد ذلك لما يشاهدونه ويسمعونه في قنوات التواصل الاجتماعي بكافة وسائله من مقاطع وفعاليات، فرغم وجود جميع الألعاب الالكترونية وغير الالكترونية، ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، والأجهزة التي لم نكن نحلم بها في أيامنا، إلا أنهم ما زالوا يعيشون هذه المرحلة من الفراغ وافتقاد الاستمتاع بالأشياء، على عكس ما تربينا عليه سابقا من الاستمتاع والفرح بأي نشاط أو فعالية داخل المنزل أو خارجه مع الأسرة أو مع الأصدقاء مهما كانت بسيطة.

ولو أراد أحدنا أن يضع خطة لأبنائه ويستفسر: ماذا عليه أن يفعل في هذه الإجازة الصيفية مع أبنائه؟، فغالبا سوف يتجه إلى سؤال العم قوقل، وهناك سوف يجد الكثير والكثير من المقالات والدراسات حول موضوع استغلال الإجازة الصيفية، ومن وجهة نظري الخاصة أعتقد أنه سوف يصطدم بالواقع، ويدرك أنه لا يستطيع أن يطبق كل ما قرأه، وذلك يعود لأمرين اثنين: أحدهما، أن ما يناسبني ليس بالضرورة يناسبك، والوالدان هما أعلم الناس بأبنائهم وما يحبون وما لا يحبون، وبالتالي هم أقدر على تفهم الأبناء ووضع الخطة المناسبة لهم، والآخر، المثالية الزائدة لهذه الخطط المطروحة، فهي تميل إلى تغليب جانب الفائدة والتحصيل على جانب الترفيه، وهذا ما ينفر منه الأبناء، وخاصة أن الأبناء قد أنهوا قبل أيام عاما دراسيا طويلا فهم يبحثون عن الراحة والمتعة أكثر من أي شيء آخر، فمن المفترض أن يغلب في أيام الإجازة الجانب الترفيهي على أي جانب آخر.

لكن ورغم ذلك يمكننا الاستئناس والاستفادة من هذه الخطط باختيار ما يناسبنا ونرى أننا نستطيع تطبيقه وفق ظروفنا وإمكانياتنا، وأن نضع نصب أعيننا الجمع بين الجانب الترفيهي والمعرفي والمهاري في برامجنا وفعالياتنا، ولا شك أن التقنية الحديثة وما تحتويه من كنوز معرفية تجمع بين الفائدة والمتعة سوف تساعدنا في كثير من البرامج والفعاليات، وخاصة إذا ما علمنا أن هناك مواقع معتمدة تقدم دورات مجانية في مجالات مختلفة يمكن للأبناء المشاركة فيها بما يتناسب مع ميولهم ورغباتهم.

وإذا كان هذا هو الجانب الخاص بالأسرة، فهناك جانب مهم تتحمله المؤسسات المجتمعية بل وحتى التجارية في دور تكاملي مهم مع الأسرة من إقامة برامج ومناشط وفعاليات، وشغل أوقات أبنائنا الطلاب فيما يعود عليهم بالنفع والفائدة، وأذكر أنني شاهدت تقريرا في إحدى القنوات عن تجربة في اليابان، أقامها اتحاد الحرفيين وأصحاب الحرف التقليدية في اليابان وذلك بإقامة ورش مفتوحة لمجموعة من النجارين والنحاتين والرسامين ليطلعوا الزوار على بعض أسرار مهنهم، ويفتحوا لهم المجال للمشاركة في صنع بعض المنتجات التقليدية، ويهدف هذا المشروع إلى تعريف الأبناء بهذه الحرف باعتبار أن هذه الحرف كنز ثقافي، وإكساب الطلاب مهارة يمكن أن تفيده في مستقبله، في جو من المتعة والفائدة.

كل تلك الأدوار المنوطة بالأسرة والمؤسسات المجتمعية تمثل أدوارا تكاملية وتعاونية لعلنا نستطيع من خلالها الإجابة عن سؤال أبنائنا المتكرر «أنا طفشان ماذا أفعل؟».

yasmh93@