فهد عبدالله

فعالية إدارة الأزمة والكارثة

الثلاثاء - 20 يونيو 2023

Tue - 20 Jun 2023

كارثة مدينة بوبال الهندية، كارثة تشرنوبيل، كارثة المنصة النفطية «بايبر ألفا»، كارثة انفجار مصنع الكيميائيات في تولوز، كارثة انفجار غاز الميثان في مناجم الفحم بروسيا، كارثة محطة سيانو، كارثة محطة فوكوشيما الكهرو ذرية، كارثة منجم بينكسي، كارثة فيليبس، كارثة تايتنك، كارثة مكوك الفضاء تشالنجر، والعشرات من الكوارث التي قد تتمعن فيها ستجد عشرات الدروس المستفادة التي تستطيع لمحها كنمط متكرر عندما تغوص في أعماق القراءات والمشاهدات حولها، الكثير من تلك الدروس تتمحور حول الأسباب الجذرية لأسئلة كيف وقعت تلك الحوادث للاستفادة منها في جوانب الحلول المسبقة الدفع لمنع حدوثها مرة أخرى (Proactive)، والجانب الآخر وهو محور الكتابة هنا حول إدارة الكارثة بفاعلية إذا حدثت (Reactive) للتقليل من آثارها والخسائر التي قد تترتب عليها، سأسرد عشرة دروس مستفادة من وحي إدارة تلك الكوارث التاريخية:

  1. العشوائية والفوضوية في إدارة الكوارث أعتقد أنها اللزمة العابرة للكوارث التاريخية، والكتابة هنا تطول ولكن سنجملها في وجود قوالب تنظيمية واضحة للمسؤوليات أثناء الكوارث ووضوح الأدوار المتعلقة بكل فرد أثناء الحادثة، التناغم الكلي لجميع فرق القيادة والسيطرة داخل المنظمة أو التي تتداخل حينها من الجهات المشاركة الأخرى أو من الجهات السيادية بالدولة.

  2. وجود الفريق الفني المتخصص صاحب الخبرة والدراية في كيفية مواجهة الحدث، ستجد قائد الحدث قد يصدر القرارات بمنأى عن الرأي الفني المتخصص رغبة منه في سرعة الإنجاز أو عدم الوضوح للكيفية التي يجب أن تدار فيها تلك الكارثة بمعية الرأي المتخصص، وهذا يؤكد أهمية وجود قوائم الخبراء للاستعانة بهم إذا حلت الكارثة.

  3. عدم وضوح الأولويات في إدارة الكوارث إذا حدثت من حيث حفظ الأرواح أو تقليل الخسائر أو استمرارية العمل، وهذا بالتأكيد سيجعل من الأنشطة الموجهة تجاه كبح جماح الكارثة مليء بالتعارضات والتناقضات والاجتهادات المتغيرة، لا يمكن أن يكون هناك أنشطة وتكتيكات منظمة لمواجهة الكارثة والأولويات والاستراتيجيات مترنحة.

  4. الموثوقية المنخفضة في وسائل التواصل أثناء الأزمات والكوارث، الاعتماد على وسيلة واحدة للتواصل دون الانتباه لتعرض هذه الوسيلة للتشويش أو الانقطاع، لذلك كلما كان هناك طرق متعددة للتواصل ما بين المرئي والآمن والمشفر والمتعدد في الشبكات أو المرتبط بالأقمار الصناعية كانت موثوقية التواصل في أفضل صورة لها.

  5. جدية التدريبات على سيناريوهات الحوادث من قبل المعنيين فضلا عن أن كانت تلك التدريبات موجودة بشكل منتظم ومحوكم. أداء هذه التدريبات كنوع من العمل الروتيني أو الواجبات الدورية بعيدا عن استشعار معية أهميتها في وقت وقوع الكارثة الحقيقي بالتأكيد سيقلل من فاعلية الأداء في حينها. بالإضافة للاستهداف الشامل للتدريبات لجميع المخاطر التي قد تتعرض لها المنظمة وخاصة المخاطر الحرجة ذات التأثير الأعظم.

  6. شخصية القائد التي بالتأكيد سيكون لها الحضور الأكبر في شكل البوابة الآمنة للخروج من الأزمة أو الكارثة بأقل الخسائر، وهذا يجعلنا نعود لذكر ماهي الأدوار المطلوبة من القائد وماهي الحدود التي يجب أن يقف عندها وكيفية الشخصية المناسبة والمطلوبة أثناء الأزمات. كيف للقائد أن يجمع بين الحزم وسرعة الاستجابة وعدم التوتر والهدوء والتركيز أثناء إدارة الأزمة الضاغطة نفسيا.

  7. وجود مرشد السلامة أثناء الحوادث (Safety Incident Officer) وهو شخص مجاله التخصصي في كيفية سلامة العاملين أثناء الحوادث ومراجعة جميع القرارات المتخذة ومدى ملاءمتها لسلامة البشر. عشرات الوفيات حدثت في رجال الأمن ومكافحة الحريق والمعنيين بالكوارث في الحوادث التي ذكرناها أعلاه وأحد الأسباب لم يكن هناك ضابط لسلامة العمليات.

  8. صحة المعلومة ودقتها أثناء الأزمة، للأسف هذا مشهد متكرر في أغلب الكوارث ويمكن تفهم ذلك إذا كان هناك في الأصل نقص في المعلومات ولكن المشكلة قد تزداد سوءا عندما يكون هناك إخفاء للمعلومات من قبل بعض المعنيين بسبب خوف الملامة أو إرادة إخفاء المعلومة لاتصاله الوثيق ببعض أخطاء هذه الكارثة. الإشكال هنا كيف يمكن توضيح مسألة المصلحة العامة في إيقاف الكارثة وأن صحة المعلومة قد تساعد في تقليل الخسائر وإيقاف زحف الكارثة وبين حماية المصالح الشخصية في إخفاء بعض المعلومات أثناء الأزمة.

  9. وجود مسح شامل ودقيق لكافة الإمكانات التي يمكن الاستفادة منها قبل حدوث الأزمات الكوارث؛ لأنها بمثابة البيادق التي ستمكن المنظومة من هزيمة الكارثة بفضل الله، عشرات الكوارث التي تحدث تبدأ عمليات المسح لديها ومعرفة طاقتها تجاه الاستجابة أثناء الأزمة وليس قبلها.

  10. وأخيرا عدم وجود تنسيق كاف مع الجهات المختلفة الداخلية والخارجية وهذا بالتأكيد سيقلل كثيرا من الاستجابة السريعة والمثالية للأزمة وكذلك الفاعلية في إدارة الأزمة والكارثة.




fahdabdullahz@