بندر عبدالعزيز المنقور

هل نقول نعم لزيادة المعدل التراكمي للطلاب؟

الأربعاء - 01 فبراير 2023

Wed - 01 Feb 2023

يمثل الشباب دون الثلاثين في المملكة نسبة عالية في تعداد السكان، وهؤلاء يحتاجون إلى خلق وظائف لهم حال تخرجهم؛ لذا من المهم تحسين البيئة التعليمية، ولكن في المقابل إذا راقبنا الإحصائيات العالمية؛ فسنجد أن هناك اتجاها نحو زيادة المعدل التراكمي للطلاب الجامعيين. حاولت أن أجري دراسة سريعة، واكتشفت أن معدل التضخم في الدرجات في أمريكا بدأ في الارتفاع منذ منتصف الثمانينيات في كل كلية تقريبا توافرت عنها بيانات. كانت الدرجة (سي) هي الأكثر شيوعا في حرم الجامعات، ثم ارتفعت الدرجات تدريجيا عبر السنين، وكنت أتساءل: لماذا حدث هذا؟ وهل هذا هو التوجه الصحيح؟

خضعت مواقف أعضاء هيئة التدريس في أمريكا تجاه منهجية التدريس والدرجات إلى تحول عميق، تزامن مع حرب (فيتنام)، حيث إذا فشل طالب جامعي من الذكور، فمن المحتمل أن ينتهي به الأمر كجندي في حرب (فيتنام)، وهو صراع لا يحظى بشعبية كبيرة في ساحة معركة مميتة؛ لذا ارتفعت الدرجات سريعا؛ استجابة لتغير المواقف تجاه طبيعة التدريس، ولضمان احتفاظ الطلاب الذكور بوضعهم بدوام كامل.

الإشكالية هنا عندما تعامل طالبا كزبون، يكون الزبون –بالطبع- على حق دائما، فإذا أراد أحد الطلاب أو والده الحصول على درجة عالية؛ فقد تمنح له بسهولة؛ لا سيما في الجامعات الخاصة، مع استمرار رفع الرسوم الدراسية، مما يجعل الطلاب وأولياء الأمور يشعرون بشكل متزايد أنه يجب عليهم الحصول على شيء ملموس مقابل أموالهم. كذلك يمنح بعض الأساتذة درجات عالية للطلاب؛ للمساعدة في ضمان ولايتهم وترقيتهم، ولإبقاء الطلاب سعداء، كما يصحح الأساتذة بتساهل أكبر عاما بعد عام؛ ومع الأسف لا تزال تقييمات مقررات الطلاب مستخدمة في المنصب والترقية. في هذه الثقافة، لا يضطر الأساتذة فقط إلى جعل حصد الدرجات أسهل، ولكنهم يسعون –أيضا- لتخفيف محتوى المنهج. كما لاحظنا أن الطلبة من قبل المرحلة الجامعية يدرسون أقل من أي وقت مضى، وهم أقل إلماما بمهارات القراءة والكتابة.

في نظري، لا يوجد دليل على أن جودة الطلاب قد تحسنت على الصعيد الوطني؛ ولذا أعتقد أننا يجب أن نعتمد على الدرجات، ليس فقط للتمييز بين الطلاب، ولكن أيضا لتحفيزهم؛ لأن تضخم الدرجات يعمل ضد المهمة التربوية للكلية، وتعد الضغوط على الطلاب عوامل مساهمة، ومن غير الإنصاف مساواة الطلبة الذين يقومون بعمل استثنائي مع أولئك الذين قاموا فقط بعمل متوسط.

وفي الختام، أحذر من حدوث مزيد من تضخم الدرجات في المستقبل، حتى لا تصبح الشهادة الجامعية دون قيمة تذكر في سوق العمل، ويتم تخريج طلاب متقاعسين، لا يوجد لديهم التحدي، وأن نركز على الجودة بدلا من الكمية، وأن نراعي في الدراسة أن معايير الدرجات تختلف من تخصص إلى تخصص، أو من جامعة حكومية إلى أهلية. ولكن هذا موضوع يحتاج إلى نقاش كبير؛ لذا يبقى السؤال: هل نقول نعم لزيادة المعدل التراكمي للطلاب؟