أحمد يوسف الراجح

أعضاء هيئة التدريس والاحتراق الوظيفي

الثلاثاء - 06 ديسمبر 2022

Tue - 06 Dec 2022

إن أبرز ما يميز الجامعات قبل منشآتها وعدة تخصصاتها هم أعضاء هيئة التدريس كونهم صناع الأجيال والركيزة الأساسية في العملية التعليمية الجامعية والمسؤولين عن الأسس الثلاث التي هي أساس التعليم الجامعي: التدريس والبحوث العلمية وخدمات الدعم الإداري والاجتماعي.

وإن الجامعات لتقاس قبل مخرجاتها بجودة أساتذتها الأكاديميين كون المميز يجب أن يواكب التطورات العلمية والمهنية وأن يسهم بتقديم بحوث تخدم العلم والإنسانية ويشارك طلاب الدارسات العليا في أنشطتهم وواجباتهم العلمية والاجتماعية ونقل المنهج لهم بطريقة إبداعية مصقولة بالابتكار والتميز والحلم الأبوي، هذا ويتم اختيارهم بعناية بعد حصولهم على اعتماد المركز الوطني للتقويم والاعتماد الأكاديمي وجهات اعتماد محلية ودولية كون طبيعة عملهم مختلفة ولها العديد من المتطلبات الخاصة.

وفي ظل التطور الذي نشهده في كافة المجالات والاهتمام من قبل الجهات المهنية المختلفة في العنصر البشري والإصلاحات التي تطرأ على سوق العمل يوما بعد يوم والمنافسة على تقديم بيئة عمل مميزة، إلا أنه لازالت فئة الأكاديميين يعانون كثيرا من الاحتراق الوظيفي والتسرب الذي أدى بكثير منهم إلى العمل في وظائف مختلفة بعيدة كل البعد والحاجة عن أروقة الجامعات، مما ينذر بمشكلة نقص أعضاء هيئة التدريس وتزايد أعداد الطلبة المستجدين دون موازنة لتحقيق الاستقرار، وأن ما يحفزهم بمهامهم، يتوقف على ما يتوفر لهم من احتياجات ويقف أمام إبداعهم كثير من المصاعب.

دعني أذكر لك عزيزي المسؤول البعض منها لا الحصر:

- الرواتب غير المناسبة والعلاوات السنوية الضعيفة، والتي تقف بعد سن معينة مثل الذين يشغلون درجة أستاذ مساعد وأستاذ مشارك أو معينين على عقود مؤقتة والذين يعملون في المناطق المختلفة لا يوجد ما يجذبهم للمدن غير الرئيسة كون بعض المدن لا يوجد بها كثير من المتطلبات ولا حتى المدارس العالمية المتقدمة لأبنائهم.

- عدم وجود مميزات جاذبة للتدريس، كون البعض من الأكاديميين يهرب من التدريس إلى الإشراف على رسائل الدراسات العليا ماجستير ودكتوراه والمجاملات التي قد أو بعض الأحيان تجحف المميزين.

وإن ما يحفزهم بمهامهم، يتوقف على ما يتوفر لهم من مميزات وسبل عزيزي المسؤول ومن خلال قربي لأعضاء هيئة التدريس وبحثي أقترح التالي:

أولا: إنشاء مجلس أعضاء هيئة التدريس، ويكون هنالك اجتماع محدد يرتبط في معالي الوزير وقيادات وزارة التعليم للمناقشة احتياجاتهم العلمية والمهنية، وتقدم به البحوث وكل ما هو جديد في تعليم الدارسات العليا وشؤونها، ويكون منتدى علميا مهنيا لجميع الأكاديميين، ويكون له رئيس ينقل بعد الاتفاق المتطلبات والصعوبات أو ما شابه إلى قيادة وزارة التعليم ومعالي الوزير.

ثانيا: معالجة أوضاع أعضاء هيئة التدريس الذين يشغلون درجة أستاذ مساعد وأستاذ مشارك وهم أيضا تقف علاوتهم السنوية بعد سن معين؛ فكيف لهذا الأستاذ الجامعي أن يكون له حافز للاستمرار والإنجاز وصناعة أجيال وهو محطم من داخله كونه وصل إلى نقطة تصهره إلى فقد الشغف ونطالبه بتميز وتقديم الكثير.

ثالثا: تقديم حزمة من المميزات الجاذبة وتحقيق الموازنة بين عدد الطلاب والأساتذة الجامعيين لجذبهم لمجالهم الأول وصرف بدل عن كل محاضرة وصرف تذاكر طيران لمن هم في خارج المدن الرئيسة وصرف مكافآت للتدريس كون البعض من الأكاديميين يهرب من التدريس إلى الإشراف على رسائل الدراسات العليا ماجستير ودكتوراه كما ذكرت في البداية.

رابعا: في خصخصة الجامعات كثير من الفؤاد؛ لذلك نتمنى الإسراع في الخصخصة، حيث في تحويل عقود موظفيها بالكامل إلى نظام التأمينات الاجتماعية، ورفع رواتب واختيار الجامعات كادرها دون الاعتماد على جهات أخرى سيشكل فارقا كبيرا في تطويرها وتقدمها.

خامسا: إنشاء صحيفة أو مجلة تقوم بنشر الأبحاث وتهتم فيما يتعلق بالأعضاء من إنجازات أو صعوبات، ويتم تكريم المميزين من الأكاديميين المختصين بالتدريس وفق تصويت من طلاب الدارسات العليا لكل جامعة.

سادسا: إعادة تنظيم معايير قبول الأساتذة الجامعيين، ويحفظ لكل عضو تدريس تقيم سنوي له من طلاب الدارسات العليا، ويحفظ له نسب مخرجاته العلمية وتفوق طلابه، ويكون ذلك من ضمن معايير تجديد العقود كون حاليا بعض الجامعات يتم تجديد عقود بعض أعضاء هيئة التدريس والعمداء مجاملة، وبذلك نفقد أعضاء شغوفين بتعليم كون المنصب مشغول مع المعينين مجاملة.

وفي الختام يجب أن ندرك تمام الإدراك أن الجامعات ليست مناصب للمجاملات الاجتماعية أو التجارب الإدارية، إنما هي صناعة أجيال وبناء مستقبل واقتصاد، لذلك يجب مضاعفة الاهتمام بها، وكلنا ثقة في هذه المرحلة بوزارة التعليم وقياداتها.