زهير ياسين آل طه

توثيق الثقة في تطوير التعليم بالألعاب الرقمية

الاثنين - 24 أكتوبر 2022

Mon - 24 Oct 2022

الأمر مهم جدا وضروري لمواكبة التطور ومجابهة التحديات التي يشهدها العالم في الذكاء الاصطناعي مع الثورة الصناعية الرابعة الرقمية، وتوثيق الثقة إن صح التعبير في التعامل مع معطيات ومنتجات الذكاء الاصطناعي، يحتاج لتبني القوانين والالتزامات الأخلاقية والخصوصية التي تسنها وتقرها الأيزو العالمية في مواصفاتها للذكاء الاصطناعي من جهة التوافق والمتابعة والالتزام العالمي المفترض، والاستفادة ومحاكاة ما تقوم به من جهة أخرى استباقية بعض الدول الغربية والصناعية في مشاريع تخص الذكاء الاصطناعي من تحييد وتطويق التطبيقات تحت مظلة القوانين المتفق عليها.

والتشديد على توثيق الثقة مطلب حيوي ويكمن في الخوف من تخطي البعض في المشاريع والبرامج والتطبيقات والألعاب الرقمية للخطوط المتفق عليها بالأخلاقية والخصوصية، بسبب التسارع في الإنتاج الغزير والتغيير بما لا يعطي مجالا لملاحقة تطوير القوانين التي تراقب تلك البرامج بدقة، مع وجوب تدخل الخبرات المتمكنة والمواكبة علميا لهذا التسارع في صياغة الاتفاقيات والتعهدات، وما نحن الآن فيه ونعاصره إلا يعتبره الكثير من الباحثين بالنزر القليل مما سيخرج لاحقا مع الثورة الصناعية الخامسة، إن تحقق ما يؤمن بخروجها البعض من المنظرين الذي سبق وأن أشرنا عنها بالذكاء الهجين في مقالات سابقة، لمحاولة الحد من توحد وتفرد الآلة في المعادلة الصعبة بعيدا عن الإنسان وتدخله لأجل السيطرة.

مشروع شبكة «TAILOR» والتي أشرت لها ضمنيا باستباقية بعض الدول الغربية توضيحا لمفهوم توثيق الثقة، والتي تقوم جامعة لينشوبينغ Linköping السويدية بتنسيقه وقد تم نشر معلومات عن دراسته في نهاية سبتمبر 2022م؛ هي واحدة من ست شبكات بحثية أنشأها الاتحاد الأوروبي لتعزيز القدرات البحثية وتطوير الذكاء الاصطناعي في المستقبل، وتضع «TAILOR» أساس الذكاء الاصطناعي الجدير بالثقة من خلال وضع إطار عمل وإرشادات ومواصفات لاحتياجات مجتمع أبحاث الذكاء الاصطناعي، و»TAILOR» هو اختصار لأسس الذكاء الاصطناعي الجدير بالثقة من خلال الدمج والتعلم والتحسين والاستدلال.

الاستفادة ضرورية بحكمة وبذكاء استراتيجي من مخرجات ومنتجات الذكاء الاصطناعي بما يمثله في حياتنا وحياة أبنائنا الذين دخلوا معترك الثورة الصناعية الرابعة برضاهم أو بدون والأقرب بدون، والسبب تغلغلهم بسحر الألعاب الرقمية وإدمانها في عمر الزهور، والذي قد يشكل خطورة على مسير حياتهم التعليمية حينما ينعطف بهم المسار نحو الإدمان الرقمي المسير دون إحساس نحو أهداف استثمارية لصناع الألعاب الرقمية وغير استثمارية غير معلنة للتشتيت والضياع والضمور الذهني.

لهذا السبب وزارة التعليم وهيئات التقويم ومؤسسات التطوير والبحث والابتكار والمجتمعات والآباء يواجهون تحديات كبيرة مع هذا التسارع المخيف للذكاء الاصطناعي بما فيه الألعاب الرقمية التي يدمنها طلابنا، والمعضلة الأشد لربما إذا كانت المواكبة بطيئة اجتهادية غير مدروسة بتعمق وتحليل كالسلحفاة أو كصخرة تتدحرج فترتطم وتدمر مع وصولها المنخفضات أو الحواف المفاجئة.

«التدريس باستخدام الألعاب الرقمية: كيف ترتبط نوايا تبني التعلم القائم على الألعاب الرقمية بالخصائص الشخصية لمعلمي ما قبل الخدمة» والتي قامت بطرحه جامعة كولونيا الالمانية «Cologne» في دراسة منشورة في المجلة البريطانية لتكنولوجيا التعليم في فبراير 2022م؛ قد أعطى جانب الألعاب الرقمية الأهمية في تدريب المعلمين وتهيئتهم للمستقبل الرقمي، بحيث يتم إدخال الألعاب الرقمية وبرمجتها بما يتوافق مع الفصل الدراسي لتنمية المهارات والمنافسة والتفكير النقدي والكثير مما يتوقع إحرازه، مضافا إلى ضرورة أن يكون المدرسون المتدربون على دراية بالمخاطر المحتملة في التنفيذ العملي وأن يكونوا قادرين على التعامل معها.

المتابع لخريجينا الجامعيين من الرجال خاصة ومن الجيل الجديد لا يزالون يمارسون هواياتهم السابقة والاستمرار فيها من ناحية الألعاب الرقمية، وهو ما يضعنا في مؤشر مهم نحو استغلال تلك القدرات المستمرة للجيل ومنهم المعلمون في نقلها الحكيم والحصيف نحو الفصول التعليمية، وليس بالضرورة لكل الفصول بل للمواد العلمية «STEAM» التي يتم تقييمها للاستفادة في تنمية المهارات الإبداعية والذكاء والتوجيه والتوعية للمخاطر في الوقت نفسه.

هذا الطرح المستقبلي لإدراج الألعاب الرقمية المبرمجة خصيصا للتعليم يحتاج لتفكير عميق ونفس عميق أيضا لتصور ما قد تحدثه هذه النقلة النوعية من تحديد الإيجابيات من السلبيات في سبيل تطوير التعليم العام والتعليم العالي أيضا بما يتناسب مع احتياجاتهم ومخرجاتهم، ودراسة هذا المشروع من قبل الجهات المعنية والمهتمة بتطوير التعليم ورفعه نحو القمة التي تساعد الطلاب على تهيئتهم لمواكبة التسارع في الذكاء الاصطناعي؛ هو السبيل أو أحد السبل التي لا مناص منها في التنافسية واستدامة التنافسية العالمية في التعليم والتطوير والبحث والابتكار.

zuhairaltaha@