وليد الزامل

الإسكان الميسر يا مجلس الشورى

السبت - 08 أكتوبر 2022

Sat - 08 Oct 2022

طالب مجلس الشورى الأسبوع الماضي بدراسة زيادة مقدار القرض المدعوم إلى مستوى يفي بشراء العقار السكني المطلوب، وكذلك زيادة مدة سداد القرض، كما شدد المجلس على تمكين المواطنين من الأفراد رجالا ونساء من الحصول على القروض العقارية للمنتجات السكنية. وتأتي هذه المطالبات في ظل ارتفاع أسعار العقارات السكنية بشكل لا يتماشى مع القدرة الاقتصادية للأسر متوسطة الدخل. الخبر هنا يؤكد على حرص مجلس الشورى في تلمس احتياجات المواطن ضمن سياق تنمية المدن، وعلى الرغم من دعوة مجلس الشورى إلى إجراء دراسة اكتوارية عبر جهة مستقلة للتأكد من كفاية رأس المال التمويلي لتغطية الالتزامات المالية وحساب المخاطر؛ إلا أن الدعوة جاءت في سياق دراسة زيادة القروض التمويلية دون الإشارة إلى دارسة حال «السوق الإسكاني» في المدن ومدى ملاءمته للقدرة الاقتصادية للأسر المستفيدة. إن المطالبة بزيادة التمويل السكني في ظل ارتفاع الأسعار الحالية سوف يقود إلى مزيد من التضخم.

في الواقع، يتأثر السوق الإسكاني بعوامل عديدة منها التركيبة السكانية ومعدلات النمو، وصناعة البناء، وتوفر الأراضي، والتشريعات العمرانية، ومعدلات الهجرة الداخلية بين المدن، ومعدلات الأسر المستقلة ونمو فئة الشباب والمتزوجين حديثا، وتشير معظم الحلول المطروحة في الفترة الأخيرة إلى ضخ تمويل سكني لزيادة القدرة الاقتصادية للأسر بديلا عن ضخ مخزون سكني ميسر في السوق للوصول إلى استقرار الأسعار. ويغفل العديد من الخبراء؛ بل والباحثين في مجال الإسكان الإشارة إلى مبدأ تيسير الإسكان في إطار تحليل السوق الإسكاني.

إن مفهوم الإسكان الميسر ينطوي على فهم عميق لحجم ونوع المعروض السكني الذي يتلاءم مع الحالة الاقتصادية للأسرة وبشكل يتماشى مع احتياجتها الاجتماعية ويفي بالمتطلبات الوظيفية والخدمية في إطار المدينة، ويشتمل ذلك دراسة التباين في سوق الإسكان بين المدن، وتوزيع المساكن وأنماطها، والاختلافات في دخل الأسر، وسياسات التمويل، والتفضيلات الاجتماعية، كما يشير «الإسكان المُيسر» إلى سوق الإسكان الذي يحافظ على إمدادات كافية من المساكن للفئات متوسطة الدخل، لذلك فإن قياس الإسكان الميسر يعتمد أيضا على مقارنة عدد المساكن الميسورة بإجمالي عدد السكان متوسطي الدخل فما دون.

ما أعنيه، أن الدراسات الإحصائية قد تشير إلى توفر معروض كاف من الإسكان في السوق أو معروض أقل من حجم الطلب، وهكذا يأتي الحكم على واقع السوق غير كاف تماما لكونه يعتمد تحليل العرض والطلب فقط دون الإشارة إلى مدى ملائمة المعروض لحدود القدرة الاقتصادية للأسر، فقد يسجل سوق الإسكان أحيانا فائضا كميا في الوحدات السكنية ومع ذلك تواجه العديد من الأسر صعوبة بالغة في الوصول إلى هذا المعروض لكونه خارج حدود القدرة الاقتصادية، لذلك فإن زيادة التمويل السكني في هذه الحالة يعني مزيدا من الديون والأعباء الاقتصادية على كاهل الأسر. وهنا أؤكد على الحديث في سياق المساكن الميسرة فعلى الرغم من دور القطاع الخاص في ضخ منتجات سكنية في السوق؛ إلا أنه في معظم الأحوال يستهدف الفئات التي لديها القدرة المالية أو التمويلية. وهكذا فإن خلق سوق إسكان متوازن يتطلب توفير مخزون سكني ميسر وكاف يعمل على ضبط الأسعار ويوفر بدائل سكنية اقتصادية ومناسبة للأسر.

باختصار، من الأهمية بمكان تعريف سعر «المسكن الميسر» في كل مدينة بناء على تحليل متوسط الدخل والإنفاق السكني ضمن حدود لا تتجاوز 30% من الدخل، ثم العمل على تطوير سياسات إصلاح السوق بحيث تحافظ على إمدادات كافية من المخزون السكني الميسر وصولا إلى سوق إسكان عادل ومتوازن.

waleed_zm@