ياسر عمر سندي

ملائكة الزحمة

الأربعاء - 14 سبتمبر 2022

Wed - 14 Sep 2022

مع بداية كل عام دراسي جديد تبدأ المعاناة والشكاوى المجتمعية من أولياء الأمور والطلاب والمعلمين والموظفين في شتى المجالات بسبب الزحام في الميادين والطرقات الرئيسة والفرعية.

وما يزيد الطين بلة تلك الثقافة السلبية السائدة لدى البعض من قائدي المركبات للأسف بعدم الانضباط في المسارات الصحيحة ومخالفة المسار بعكس الاتجاه أو الوقوف المزدوج في الأماكن الضيقة التي تعيق حركة السير وتزيد من تكدس السيارات خصوصا في تلك الأحياء المكتظة بالمدارس والكليات والجامعات والتي تعرقل الحركة المرورية إلى درجة التوقف التام والذي قد يصل أحيانا إلى أكثر من 45 دقيقة ناهيك عن حصول الحوادث المرورية واحتكاك المركبات الذي يترتب عليه حصول المشكلات والمنازعات بسبب الأنانية المقيتة من بعض سائقي السيارات بعدم ترك المجال تأدبا مع الطرف الآخر وكما قيل في المثل «القيادة فن وذوق وأخلاق».

حقيقة الأمر لم يقصر رجال المرور في أداء مهامهم المنوطة بهم لتحقيق انسيابية السير وضمان عدم ارتكاب الحوادث المرورية في الصباح الباكر وفترة الظهيرة والتي تصادف الخروج المجتمعي العام في نفس التوقيت.

«ملائكة الزحمة» هذا اللقب الذي أحببت أن أطلقه على البعض فعليا لما يقومون به من دور إنساني ينفقون به على أنفسهم والآخرين بحصولهم على خيري الدنيا والدين جراء مواقفهم الراقية.

في لفته إنسانية كريمة شاهدتها قبل عدة أيام من أحد أفراد المجتمع والذي تطوع من تلقاء نفسه وركن مركبته جانبا مسخرا ذاته ووقته للمساعدة في تحريك ذلك التشابك العنكبوتي وفض الاشتباك الصباحي المحتقن الذي شل حركة السير تماما عند أحد مجمعات المدارس بمحافظة جدة.

هذا الشخص في بداية الخمسينات من عمره كما بدا لي ورأيته يتفاعل مع الموقف بكل حماس واقتدار استطاع أن يتوسط ذلك التداخل بين المركبات في جميع الاتجاهات والذي كان عشوائيا بكل ما تحمله الكلمة من معنى تصدر له صاحب الخلق النبيل الذي قام بتوجيه قائد كل مركبة توجيها سليما وكأنه مايسترو يقف وسط أوريكسترا تؤدي معزوفة ناشزة ومزعجة استطاع أن يتعامل معها باحتراف ليعيد ضبطها واتزانها.

هذه النوعية من البشر يؤجرون بعملهم ونيتهم الصادقة التي لا يرجون من ورائها سوى رضا المولى عز وجل ومن ثم التعاون المجتمعي لدرء ما يمكن أن يحدث من الأذى المتعدي بالخروج عن السيطرة وعدم إمكانية ضبط السلوك الانفعالي الذي يؤدي بالبعض إلى التجاوز اللفظي والفعلي باللسان واليد.

في رأيي الخاص لو أن كل شخص حمل على عاتقه ذلك الهم وتلك الروح الإنسانية وبادر متطوعا في بعض الأماكن المزدحمة التي يواجهها ومارس الدور الملائكي لفك الازدحام لأصبحنا مجتمعا واعيا متعاونا ومؤمنا يشد بعضه بعضا يطبق رسالة مبدأ الدين الحنيف «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان».

Yos123Omar@