ناضا مطلق البقمي

الطاقة البشرية المهدرة

السبت - 20 أغسطس 2016

Sat - 20 Aug 2016

تعج وسائل الإعلام المحلية بالعديد من الطرق والأساليب لترشيد استهلاك الطاقة والحفاظ عليها كالكهرباء والماء وغيرها، وتدعو إلى استثمارها بالشكل الصحيح. وفي المقابل تحذر من مغبة هدرها وعواقب ذلك على الفرد والمجتمع.



نعم، نحن بحاجة إلى التوعية بأهمية الطاقة والتحذير من عواقب هدرها. إلا أن وسائل إعلامنا نسيت أو تناست طاقة لا تقل أهمية عن أنواع الطاقة الأخرى تهدر بشكل أشبه بأن يكون متعمدا أو دون مبالاة ألا وهي الطاقة البشرية، خصوصا (حملة الشهادات العليا).



إن المتابع لأحداث الساحة المحلية لا يخفى عليه ما حدث لهؤلاء المؤهلين من عملية إقصاء تحول دون توظيفهم في الوظائف التي تتناسب مع مؤهلاتهم. فقد بات واضحا للعيان حجم معاناة حملة الشهادات العليا من خلال صرخاتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي لما يعانونه من هدر لطاقاتهم وتعطيل لمؤهلاتهم فقد أنشؤوا العديد من الهاشتاقات مثل #عاطلون بالشهادات العليا، و#عاطلو الماجستير. وكانت تهدف إلى إيصال صوتهم لكل مسؤول وصاحب قرار والمطالبة بوقف هذا الهدر لطاقاتهم. إلا أن الصمت المطبق من قبل الإعلام أو المسؤولين سواء في الجامعات أو الخدمة المدنية أو وزارة التعليم يثير العديد من التساؤلات، ولعل أهمها، هل لدى هؤلاء وعي بأهمية الطاقة البشرية؟ هل لديهم بعد نظر بمغبة هدر طاقة بشرية مؤهلة؟ هل في جعبتهم برامج أو حلول أو خطط في المستقبل القريب للاستفادة من هذه الطاقة؟



إنه من الطبيعي أن تتبادر هذه الأسئلة في أذهاننا عندما نرى الهدر لطاقات بشرية مؤهلة (حملة الشهادات العليا)، فديوان الخدمة المدنية يرفض هؤلاء المؤهلين بحجة عدم وجود وظائف تناسب درجاتهم العلمية، وكأن مؤهلاتهم أصبحت عبئا ونقمة عليهم. أما الجامعات فحدث ولا حرج، فقد شيدت السدود المنيعة ووضعت الشروط التعجيزية التي يستثنى منها أرباب الواسطة وما أدراك ما الواسطة؟! لقد باتت عرفا اجتماعيا مسلما به ومصدر هدر للعديد من الطاقات السعودية المؤهلة، كما أن هذه الشروط تتلاشى وقد تختفي عند التعاقد مع الوافدين من أبناء دول الجوار.



أما وزارة التعليم فقد تعاقب الوزير تلو الوزير، إلا أن الموقف كان موحدا وهو إطلاق الوعود المؤجلة بالنظر إلى هذه القضية وإيجاد الحلول المناسبة التي طال انتظارها!

أما القطاع الخاص فكان هو الآخر مشاركا في هدر هذه الطاقة المؤهلة، فقد أغلق أبوابه أمامهم رغبة منه بالوافد الذي يعد في نظره أقل تكلفة وأكثر منفعة على حد زعمهم، دون إتاحة الفرصة أمام أبناء الوطن لإثبات عكس ذلك.



لقد أنفقت الدولة المليارات لحصول أبناء الوطن على الشهادات العليا سواء من الخارج (برنامج الابتعاث) أو من الداخل (الجامعات السعودية)، ليس بهدف زيادة الإنفاق على التعليم فحسب، وإنما تهدف لفاعلية هذا الإنفاق من خلال العائد باعتبارهم رأس مال بشري..



إلا أن الواقع يحكي غير ذلك، فقد وجد أصحاب الشهادات العليا أنفسهم على قارعة طريق البطالة! إن ما يحدث لأصحاب الشهادات العليا من تهميش وتعطيل لقدراتهم وهدر لطاقاتهم ما هو إلا جهل بأهمية الطاقة البشرية. سواء كان بسبب سوء التخطيط أو القرارات التعسفية.



وأخيرا لا بد أن تتضافر الجهود من الجميع إعلاما وأصحاب قرار إزاء هذه القضية والالتفات إلى هذه الشريحة الغالية باعتبارها رأس مال بشري وطاقة لا بد من استغلالها الاستغلال الأمثل، وأن تكون مشاركة في تحقيق رؤية المملكة 2030 لأن استمرار هذا الهدر ينبئ بكارثة للطاقة البشرية السعودية المؤهلة.