بندر عبدالعزيز المنقور

خطر التلقين في الجامعات

الخميس - 26 مايو 2022

Thu - 26 May 2022

كتبت مسبقا عن أهمية تصحيح بعض إشكاليات التعليم الجامعي لدينا من أجل بناء أهم القدرات والمهارات المختلفة لدى الطالب قبل أن يتجه إلى سوق العمل مواجها العالم الحقيقي؛ ولكن تحت ضوء خبرتي المتواضعة أرى بأن جل تعليمنا الجامعي (لا سيما في كليات العلوم والهندسة) لا يعمل بشكل جيد على صقل تلك المهارات المهمة للحياة واللازمة للعمل بشكل عام؛ ولذلك من المهم أن نصارح أنفسنا وأن نقر بأن هناك أخطاء تراكمت عبر السنين ولا بد من وقفة لتصحيحها؛ ويبقى السؤال: ما هي؟

من رأيي إن أحد أهم إشكاليات التعليم عندنا أنه لا يوجد انتقال جيد وسلس بين التعليم قبل الجامعي من جهة وما بين التعليم الجامعي من جهة أخرى؛ فتعليمنا الجامعي يعتمد بشكل رئيس على آفة التلقين والتنظير دون مشاركة الطلاب الفاعلة، والآفة الكبرى أن يتم التعامل معهم كأطفال.

ينبغي ألا يكون المحاضر هو الوعاء الوحيد للمعلومات، بل دوره الرئيس هو توجيه الطلبة عند الحاجة دون التدخل الكبير؛ ولكن الواقع المرير أن المحاضرين يعطون الكثير من الواجبات المنزلية والاختبارات القصيرة والطويلة بين الحين والآخر للتأكد من فهم الطالب للدرس (كما يحصل في تعليم المرحلة الابتدائية).

وقد يقول القارئ: ما الإشكال في ذلك؟ الإشكالية هنا أنك تخلق جيلا اتكاليا بشكل كبير وغير مسؤول؛ بل وغير قيادي ولا يمكنه الاعتماد على نفسه؛ فهو ينتظر الواجبات أو الاختبارات القصيرة حتى يدرس؛ فالطالب لا تتاح له فرصة لأن يجتهد ويبحث عن المعلومة بنفسه وأن تكون عنده مساحة واسعة للخطأ والتعلم الذاتي وبناء نفسه بنفسه، وأن يبحث في الكتاب أو أية مصادر أخرى لا سيما وأن الكثير من إصدارات الكتب الحديثة لديها الكثير من التمارين المفيدة للطلبة والكثير منها متوفرة الكترونيا.

نحتاج أيضا أن نشجع الطلبة لقراءة الكتاب بدلا من الاعتماد الكلي على الملخصات، وتقليل عدد الاختبارات والواجبات، وأن نشجعهم على البحث عن الإجابة الصحيحة بأنفسهم وإعطائهم المساحة المناسبة ليتعلموا بطريقتهم الخاصة ويطوروا مهاراتهم على سجيتهم؛ فكل هذا مهم لرفع حس المسؤولية عند الطلبة، ولصقل مهارات القيادة والاعتماد على النفس والابتكار، وتنمية مهارة القدرة على العمل تحت الضغوط؛ وهذا بكل تأكيد ما يتطلبه سوق العمل.

وفي الختام: لدينا مساحة واسعة من أجل تحسين تعليمنا الجامعي قبل ذهاب الطلاب إلى سوق العمل، والتي أتمنى أن ينظر لها أو على الأقل أن تتاح المرونة الكافية لعضو هيئة التدريس في التغيير والتحديث بتقديم ما يراه مناسبا بدلا من إلزامه ببعض المنهجيات، فأنا لا أستطيع أن ألزم محاضرا آخر بنفس آرائي وفلسفتي في التعليم والعكس صحيح.

هناك الكثير من الإشكالات الأخرى والمهارات المهمة التي من المهم تنميتها خلال فصول الدراسة ولكنها تحتاج إلى مقالات أخرى.