عبدالله العولقي

«التكنوبوليتيكس»

الأربعاء - 18 مايو 2022

Wed - 18 May 2022

يشهد العالم منذ فترة ليست بالبعيدة بزوغ مصطلح علمي جديد أطلق عليه تكنوبوليتيكس Technopolitics ويعني كافة المواضيع التي تتناول تلازمية الشأنين السياسي والتكنولوجي وتغيرات أوضاعهما المستمرة، سواء من خلال الصراع بين الدول العظمى (الولايات المتحدة والصين على سبيل المثال) أو بين صراع التطبيقات التكنولوجية وعلاقتها بحياة البشر الاجتماعية والسياسية.

بعض الكتاب في الشأن الاجتماعي الدولي يرون أن الدول الكبرى بدأت بالتحول إلى طبيعة عصبية تتشابه في مكنوناتها بنمطية صراعات القرون الوسطى ولكن بمسوغات حديثة كالصراع الجيوسياسي، وهذه وجهة نظر صحيحة نوعا ما، ولكن الأصح أن الصراع الجيوسياسي نفسه يستند

على فكرة امتلاك التقدم التكنولوجي السريع، بمعنى أن العلاقة التكاملية التي تربط بين التكنولوجيا والسياسة هي من سيحدد معالم المستقبل الدولي الجديد.

فلو أخذنا مثلا الصراع الصيني الأمريكي على استحواذ التكنولوجيا لوجدنا أن الصين قد تقدمت بقوة في إنتاج شبكات الجيل الخامس، وربما يعود التراجع الأمريكي إلى الاستثمارات الأمريكية والتي لا تتجاوز في الوقت الحالي 1.5 مليار دولار، بينما تقدر قيمة الاستثمارات الصينية في

هذا المجال بـ 50 مليار دولار، هذا التفاوت الشاسع يعكس لنا مدى التقدم الصيني الهائل وهيمنتها على هذا القطاع، فكيف لو عرفنا أن وسائل الإعلام تروج هذه الأيام عن اقتراب بكين من إطلاق شبكات إنترنت الجيل السادس، ولو تحقق هذا الإنجاز فستبتعد الصين كثيرا في منافستها

التقنية مع الولايات المتحدة.

الصين تدرك تماما معنى «التكنوبوليتيكس» ولذا فهي لا تسعى إلى التفوق في مجال تقنية شبكات الجيل الخامس فحسب، بل تسعى وبضراوة إلى الهيمنة على سوق التنكنولوجيا برمته، فقد وضعت بكين مبادرة عرفت في الإعلام بمسمى (صنع في الصين 2025) والتي تهدف من خلالها

إلى السيطرة على الإنتاج التكنولوجي لعشرة تقنيات ناشئة كالذكاء الاصطناعي والسيارات الكهربائية والكوانتم وعلم معلومات الكم وأشباه الموصلات والتكنولوجيا الحيوية والطاقة الخضراء.

ولو عدنا إلى محور مقالنا المتعلق بالتكنوبوليتيكس وأخذنا على سبيل المثال اجتماعات الرئيس التنفيذي لشركة أبل الشهيرة السيد تيم كوك ولقاءاته المباشرة والمتعددة مع الرئيس الصيني شي جين بينج والتي تفوق في عددها لقاءات الرئيس الصيني مع رؤساء ودول العالم لفهمنا مدى تطور

العلاقة التلازمية بين السياسة والتكنولوجيا أو التكنوبوليتيكس، وهنا يحضر التساؤل الأهم: هل تحولت شركات التقنية الكبرى إلى ما يشبه الحكومات الوطنية، وأضحت بالمكانة التي تؤهلها للتفاوض بقوة وبطرق مباشرة مع الحكومات والدول؟!!

albakry1814@