عائشة العتيبي

كيف تنتقد بأسلوب؟!

الخميس - 25 نوفمبر 2021

Thu - 25 Nov 2021

نجد عند بعض من أصحاب الآراء والانتقادات أن لهم بالنقد وإطلاق الحكم حقا ملزما، فهم يحاربون من أمامهم بما يحملون من أفكار وتوقعات وظنون، بل من الواجب عندما أنتقد شخصا أخطأ أو جهل هذا الأمر فيما قدم لا يعني أنني كمنتقد لي الأحقية الكاملة فيما أفعله وأقوم به، وأيضا ليس لي الحق بالاستنقاص من قدراته واستطاعته، مهما كنت أنت كاتبا، باحثا، مفكرا، طبيبا، أستاذا، مستشارا، ليس لك الحق في الاستنقاص والانتقاد إن لم يطلب منك النقد، ولست منزها عن الأخطاء، بل ربما تحمل من الأخطاء التي لا تغتفر ولا يمكن تجاوزها فكل شخص يوجه انتقاده إليك بأسلوب سيئ هو يعتبر شخص جاهل، يبحث عن إخفاء ضعفه وجهله بانتقاده لك، ويشعره ذلك باكتمال علمه وهيبته من أمامك.

التعلم والخبرة لا يعنيان أننا نفرض أحكاما وأوامر على من أمامنا ولا يعنيان أننا بوقت مناسب ويحق لنا أن نلقي كميات انتقاداتنا على من حولنا، لابد أن نعلم أولا لماذا ننتقد؟ ولأجل من! وكيف نطرح الانتقاد؟ وما هو أفضل أسلوب ووقت للانتقاد؟ هل يجب أن يعطى لنا الضوء الأخضر قبل أن يتم طرح انتقادنا؟ ومتى انتقادنا يكون جارحا عند البعض!، قد يرغب البعض بطرح الانتقاد بينه وبين من له مجال وخبرة طويلة، أو يرغب بأن تكون عامة بينهما وبين من يستمع إليهما، من المحتمل الذي يحدد هذا الأمر هو المنتقد، ولكن برأيي أن من يحدد ذلك ويفرضه شخصية وأسلوب الناقد فمن يملك أسلوبا جميلا وجذابا يجد قبولا ورحابة وحسن استماع.

قد يمتلك صاحب النقد ذو الخبرة الطويلة أو المتوسطة أسلوبا وقدرة وحسا في التعبير عن الطرف المقابل (المنتقد) ويفهم ما يجول بفكره، وما التوجيه المناسب له، فقد اكتسب خاصية أسلوب الناقد الذي أتى فعلا موجها وموضحا للخطأ مبتعدا عن شخصية الشخص ومركزا على موقع الخطأ ومهتما بإعادة ثقة المنتقد بنفسه، وموضحا بأنه قادر على تجاوز هذه المرحلة، فيجب عليه بأن يبدي بالإعجاب عن نقاط فعلا كانت مميزة ثم ينتقل إلى نقاط ضعيفة يطلب منه إعادتها وتحسينها وإبرازها بصورة أفضل، يجب عليه فهم طبيعة العقلية التي أمامه ويعلم بأنه وصل مرحلة التطور والإبداع بعد جهد كبير قد بذله، أيا كانت هذه التوجهات والمهارات ومهما بلغت موهبته وقدرته عليك أن تكون داعما له قبل أن تكون منتقدا ومصححا لمساره.

ربما البعض يفهم بأن الناقد ليس سوى شخص يصحح وينتقد سلبا ويصبح شخصا يشخص حسب قبوله ورفضه لمظهر الشخص الذي أمامه دون النظر إلى ما يحمله من محتوى ودون النظر للخطأ، لن نلوم أي شخص قد فكر هكذا! لأن بعض النقاد يجعل المنتقد والمستمع يرى ويفكر بهذه الصورة لعدة أسباب، ومنها: أنه يركز على الشخص ولا يركز على فكرة ومضمون ومحتوى ما يحمله هذا الشخص، وقد يكون له أسلوب غير واضح وتوجه يحمل استنقاصا وتقليلا من الشخص الذي ينتقده، وقد يكون صاحب فلسفة يجهل ما يحمله من فكر ويدعي أمامهم بعلمه، ومغرور بمكانته الاجتماعية، وربما لا يحمل علما ولا تخصصا ولا أسلوبا ولا خبرة ولا ممارسة سابقة ويطلق على نفسه ناقدا.

صفة الناقد يجب أن تصبح محايدة، أو يبتعد عن النقد كليا؛ فالناقد إما أن يكون باحثا عن إظهار الحقيقة بجمالها وجوهرها وصورتها وينادي بها، أو يصبح محاربا شرسا يخمد ما يريد إخماده من لهيب الموهبة والإبداع ويطفئ وهج الحماس ويسقط بمن كان يريد أن يكون بطلا، فمن حق المبدع الوصول والإتقان، وليس من حق الناقد الهدم دون البناء.

3ny_dh@