علي الحجي

عرض بلا مرض

الاحد - 17 أكتوبر 2021

Sun - 17 Oct 2021

تعد الأعراض والآلام الجسدية ذات المنشأ النفسي (النفسجسمية) من أكثر الاضطرابات شيوعا، وقد وجد أن 27% من مراجعي العيادات الطبية يشتكون من أعراض متعددة ليست لها علاقة بالحالة المرضية التي يتلقى العلاج لأجلها، فيما 13% من الحالات لا يوجد دليل حيوي على وجود مبرر عضوي لشكواهم، وغالبا تدور حول أعراض الصداع وغازات البطن وتقلص القولون واضطرابات الجهاز الهضمي والدوخة وعدم الاتزان مع آلام عضلية عامة، يأتي أحدها أو بعضها من حين لآخر.

المشكلة تكمن في طريقة استقبال الدماغ لهذه الآلام وترميزها بشكل مشوه، فيستقبلها بتوتر وخوف ويعطيها توقعات وسيناريوهات غير واقعية؛ فتكبر وتتحول إلى كرة ثلج؛ فتصبح أفكارا قلقية تزيد التوتر والقلق النفسي، وتصل إلى ضلالات مروعة تفاقم المشكلة، ثم يتأثر السلوك ليصبح سلوكا مرضيا يؤثر على حياته الشخصية والاجتماعية والمهنية.

يتحور الاضطراب النفسي إلى شكل عضوي بسبب عدم تقبل المريض وبيئته للمرض النفسي، أو لعدم تقبل التذمر من المسبب الحقيقي الضاغط، أو أعراض نفسية مكبوتة كالاكتئاب أو القلق أو نوبات الهلع، وتزيد الحالة إذا صاحب هذه الأعراض اضطرابات نفسية كالقلق أو الاكتئاب، أو عضوية كالسكري أو القلب؛ فتزداد الأمور تعقيدا بزيادة المتغيرات.

وتشخص الاضطرابات النفسجسمية إذا انتفى السبب العضوي، وأثرت الأعراض على الحياة الشخصية والمهنية للمريض، أو أصبح هناك بحث غير مبرر وتنقل بين الأطباء والرقاة والمعالجين الشعبيين (التسوق الطبي) يفاقم المشكلة ويعرضه للاستغلال من قبل ضعاف النفوس منهم.

وللاضطرابات النفسجسمية أشكال، منها:

- الجسدية وتنتشر من فترة المراهقة إلى بداية الثلاثينات، وتكون عبارة عن شكاوى من آلام متنوعة تشمل كل أعضاء الجسم.

- اضطراب التحويل وفيه يتحول الاضطراب النفسي إلى فقدان للحركة في عضو أو إغماء وتشنجات، أو فقدان حاسة كالبصر أو الكلام أو الذاكرة، وتنشر أكثر في الأرياف والبيئات التي ينتشر فيها الفقر والجهل، ويزول بسرعة إن حصل على الاهتمام من البيئة المحيطة، ويقل مع التقدم في العمر.

- هاجس المرض، وفيه خوف شديد من الإصابة بالمرض مستقبلا أو يتوقع أنه مصاب بالفعل بالمرض لكن لم يتم تشخيصه بالشكل الصحيح بعد، وهو اضطراب مزمن لا يذهب بسهولة.

- اضطراب تشوه الجسم، ويعتقد المريض بأن جسمه غير متناسق أو قبيح، ويبدأ بإجراء الكثير من عمليات التجميل غير المبررة والتي تفاقم المشكلة، حتى تؤدي للاكتئاب.

وقد تكون الآلام خاصة لدى الأطفال وكبار السن مجرد وسيلة للتعبير عن الحاجة للاهتمام، تزول بإيلائهم ما يفتقدونه من تواصل واهتمام.

ختاما: يقع على العائلة دور هام ومحوري في الدعم والمساندة، ولا بد من التعاطف أكثر من العطف، بمعنى إعطاء دعم واهتمام للمصاب وإحساس بمشكلته، والحذر من الدخول في دوامة (التسوق الطبي).

@aziz33