عبدالله قاسم العنزي

مبادئ الإثبات في المنازعات القضائية

الاحد - 03 أكتوبر 2021

Sun - 03 Oct 2021

الإثبات بمعناه العام هو محاولة الوصول إلى الحقيقة المجردة، أي تأكيد الحقيقة بالحجة والدليل، وما نقصده في حديثنا اليوم هو الإثبات القضائي، أي إقامة الدليل أمام القضاء على وجود حق أو صحة واقعة متنازع فيها بقصد الوصول إلى نتائج قانونية معينة.

ويتمثل الإثبات القضائي في تأكيد حق متنازع عليه أمام القضاء، وذلك بإقامة الدليل على الواقعة مصدر هذا الحق فهو إثبات يرمي إلى تحقيق غايات عملية هي الفصل في المنازعات وحماية الحقوق لأصحابها أمام القضاء بطرق محددة رسمها القانون.

والمستقر فقها وقضاء أن نظرية الإثبات في مجملها تقوم على مجموعة من القواعد والمبادئ المتعلقة بالخصوم نذكرها على النحو التالي:

أولا: حق الخصوم في الإثبات أي يحق لكل خصم في الدعوى أن يقدم ما لديه من أدلة لإثبات الواقعة أو نفيها مع مراعاة الشروط والأحكام والضوابط التي حددها النظام، وهذا ما يعرف بحق الخصوم وواجبهم في الإثبات.

ثانيا: حق الدفاع ومناقشة الأدلة بمعنى يحق لكل خصم في الدعوى مناقشة الدليل الذي يقدمه الخصم الآخر وتحليله بهدف إظهار حجيته أو تناقضه واستبعاده سواء كان الدليل خطيا أم شهادة، أم قرينة، أم خبرة فنية، وهذا يعني أنه ليس للقاضي أن يقدم الأدلة من تلقاء نفسه، ولا أن يحكم بدليل لم يطلع عليه الخصوم.

ثالثا: الحق في معرفة الدليل بمعنى أن للخصوم تحديد الأدلة التي يمكن اللجوء إليها من أجل إثبات صدق ما يدعون ولا يجوز للقاضي أن يلجأ للإثبات بدليل لم يطلبه الخصوم أو بدليل لم ينص عليه النظام، حيث لا يستطيع الخصوم الاحتكام إلى طريق من طرق الإثبات لم ينظمه القانون.

رابعا: لا يجوز أن يصنع المدعى دليلا لنفسه، وهذا ما استقر عليه الفقه والقضاء بألا يجوز للشخص أن يصنع دليلا لنفسه، فالقاضي لا يمكن أن يقضي لشخص بناء على مجرد القول أو أوراق صادرة منه، فالشخص لا يستطيع أن يخلق لنفسه سببا لحق يكسبه باستثناء ما ورد في هذا الشأن لجهة إثبات الديون التجارية بين التجار من خلال الدفاتر التجارية المنتظمة التي يقوم التجار بتنظيمها، وبالتالي تكون حجة لهم للإثبات بمواجهة مديونيتهم من التجار.

خامسا: لا يجوز إجبار الشخص على تقديم دليل ضد نفسه فمن حق كل خصم أن يحتفظ بأوراقه الخاصة وليس لخصمه أن يلزمه بتقديم سند يملكه ولا يريد تقديمه في الدعوى فلا يمكن إجبار الخصم على تقديم دليل يرى أنه ليس في مصلحته.

سادسا: حياد القاضي، وهذا من موجبات العدالة بأن يقف القاضي موقفا محايدا في النزاع المعروض عليه، فهو لا يتحيز لأحد الخصوم بل يفصل في الطلبات التي يقدمها أطراف الدعوى على ضوء الأدلة التي يتقدمون بها لإثبات هذه الطلبات والحقوق المتنازع عليها.

سابعا: عدم جواز حكم القاضي بعلمه الشخصي، أي لا يجوز للقاضي أن يحكم بناء على معلوماته الشخصية كما لو كان قد شاهد حادثة ثم رفعت إليه فإذا قضى بعلمه فيها فإن ذلك يؤثر على تقديره للوقائع؛ لأنه يكون بمثابة الشاهد وليس قاضيا.

expert_55@