شاهر النهاري

تحرشات ومضايقات وقبض وعقوبات

الاحد - 26 سبتمبر 2021

Sun - 26 Sep 2021

اندهش السعوديون بما رشح في احتفالات اليوم الوطني من مقاطع فوضى وتحرش وخناقات، وتعديات على المحتفلين، وحتى على رجال الأمن من بعض غير المنضبطين، بصور أعادت للذاكرة شيئا مما كان يحدث قبل فرض قوانين منع التحرش، ومنع الأضرار بالممتلكات العامة، ومنع تعريض الآخرين للخطر والترهيب والتدخل في خصوصيات الإنسان.

وحدوث ذلك أعطى فرصة لعناصر معادية للسعودية في الداخل والخارج للسخرية والنقمة والسباب وتحميل الرؤية لما حدث، وتشويه جميع الصور الجميلة والراقية والمتقنة والقدرة والنظام.

والواقع أن أي تجمعات كبيرة، حتى في أكثر البلدان تطورا تستدعي شيئا من الانفلات والفوضى لدى «خفاف العقول»، سواء كان التجمع وطنيا أو ثقافيا أو كرويا، أو حفلا فنيا.

الجموع تزيد من تدفق هرمونات النشاط، وتجعل البعض يخرج عن اعتبارات الأدب والذوق، وتجعله يكسر مفاهيم الحرية، وقد يتعدى على الآخرين، بحجة أنه يشاركهم حالات النشوة والرقص والغناء، وربما يتهم الخروج عن الستر بجره لذلك.

في وسط الحشود، يظهر دور الإنسان المنفلت والعنيف، الذي يريد أن يظهر قدرته، وغرائزه الحيوانية، وسيطرته على الآخرين، وهذا طارئ نفسي معروف، يمتلكه من يعتقد أنه فوق كل قانون، وكل أخلاق، وأن أفعاله بين الزحام لا تلبث أن تتبدد، ولا تجد الرقيب، ولا الحسيب.

جميع العقلاء أساءهم ما حدث، حتى وإن قلنا إنها أعمال فردية ضخمتها أياد خفية في مواقع التواصل، وجميع العقلاء يرفضون جملة وتفصيلا ما حدث، لأنه غريب على أخلاقيات شعبنا المحافظ، وعلى أخلاقنا العربية الإسلامية، وبكون الرجل الشريف الكريم مؤمنا على ستر بنات المسلمين، وأن الأمر لا يمكن اعتباره هفوة ولا نزوة، كونه يعارض نظام الدولة الواضح الصارم، وأن مقترفه يستحق العقاب الشديد.

اليوم الوطني، وغيره من الأعياد تعتبر فرصة لتبيان الجماليات والتغني بالوطن، وإبراز صورته الكريمة الجميلة بين الأمم، وتبيان الأمان والسلام، وتوطين المحبة والتواد بين الشعب والمقيمين، واحترام الرجل للصغار والنساء، كأفراد من أسرته القريبة، وألا يخرج المحتفلون بغرض الإساءة للوطن والقيادة والقوانين، ولا للشعب الطيب، الذي يتم تصويره بشذوذ الصور وعتامتها.

ما قيمة الاحتفال إذا وجد الشخص أو المجموعة من الشباب أنهم قد دخلوا في همجية وخطورة ومخالفات مع النظام، كونهم مرصودين أمام عدسات الجميع، وبسخافة فكروا أن الأمر سيمضي، باندساسهم بين الجموع، وكأن شيئا لم يكن.

وزارة الداخلية بادرت بالتأكيد على ثبات وجدية القوانين المعمول بها، فمرتكب جريمة التحرش يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنتين، أو غرامة مالية لا تزيد على 100 ألف ريال.

كما أكدت أن عقوبة التحرش تغلظ بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات، أو غرامة مالية لا تزيد على 300 ألف ريال في حال تكرار الفعل، مع تغليظ عقوبة التحرش إذا وقعت في مكان عمل، أو دراسة، أو إيواء أو رعاية.

وأعلنت شرطة مكة المكرمة عن القبض على 29 شخصا ضايقوا المارة برمي عبوات بلاستيكية عليهم بالطائف، وأعلنت شرطة الباحة عن القبض على سبعة مواطنين ظهروا في مقطع فيديو أثناء مشاجرة بينهم، وتم القبض على مقيم تعدى على ضابط أثناء تأدية عمله، وتوالت عمليات القبض، والعرض على النيابة العامة، والعقاب.

هذا هو وطننا السعودي، وهذه قوانينه المطبقة على الجميع، حتى من يحاول انتهاز الفوضى أو الزحام للتملص من العقوبة، ولن تسمح دولتنا الفتية لأي كان بتجاوز الحدود.