شاهر النهاري

استعدوا للصين.. وافتحوا كل عين

الاثنين - 20 سبتمبر 2021

Mon - 20 Sep 2021

والنداء هنا ليس فقط للدول الصغيرة، التي تتمنى الصداقات والأحلاف، ولكن للدول العظمى، التي نامت، واستيقظت؛ لتجد الأخطبوط الصيني قد مد أذرعه لاقتصاديات العالم، فلم تعد هنالك دولة كبيرة أو صغيرة تستغني عنه، والكارثة أن ذلك يأتي مع ترهيب للعالم من النواحي الصحية، سواء تمكن من صنع فيروس كورونا، أو في أفضل الأحوال أثبت أنه قادر على ذلك، كما أقلق العالم بصاروخ فضائي مهول تائه يهدد مدنا وحضارات، والادعاء بأنه فاقد التوجيه.

كما مد أذرعه العسكرية لمختلف القارات، والبحار والمحيطات، وبما تؤهله صناعاته الثقيلة الطموحة، وسباقه الفضائي المبهر المحاط بالسرية، وزد على ذلك هيمنته في صناعات التقنية الرقمية، والاتصالية، وعمليات التجسس العظمى، على الدول جميعا، فجعل الكل أمام أمر واقع، ولا مناص من مواجهته، ومحاولة اتقاء خطورته.

أمريكا الرئيس بايدن، الهارب من وجه الإرهاب في أفغانستان، ما لبث أن تفرغ للصين، وقام بمهاجمتها وكيل التهم عليها صحيا واقتصاديا، ثم تسرع بإفشال الصفقة، المتفق عليها بين أستراليا وفرنسا، لتأمين القارة الأسترالية بقوة ردع بحرية نووية، تمكنها من السيطرة على حدودها البحرية الطويلة، والمشاركة في ردع الصين، عن تهديد والسيطرة على المحيطين الهادئ، والهندي.

فرنسا أسقط بيدها، وعرفت أن الصين ليست عدوها الأوحد، كون علاقاتها مع الدول العظمى، لم تعد في خانة الثقة، فالتحالفات العالمية تتغير بسرعة، وحسب ما تخطط له أمريكا، التي تبدلت أحوالها وسياساتها وتحالفاتها وصداقاتها حول العالم بطرق عنيفة تزيد من الفوضى العالمية الحاصلة، وتعطي دولة الصين، الكثير من نقاط القوة والثقة، كونها أصبحت قطبا عالميا، يكاد أن يوازي ويتحدى من تبقى مترابطا من حلف أمريكا.

أمريكا ما تزال قوية عسكريا وصناعيا واقتصاديا، ولكنها وبهروبها الدائم من مناطق الأحداث، وتخليها عن أصدقائها، وتحالفاتها، شوهت صورتها، وجعلتها منكمشة في حدود أرضها، وهذا عكس حالتها القديمة، حينما كانت تستحق ما تجنيه من جبايات بقوة جنودها وتواجدهم في ميادين النزاعات العالمية، ما يصعب عليها أداء دور البطل الخارق على الأرض وفي البحر والفضاء، والاكتفاء بهجمات نوعية وتوجيه طائرات مسيرة، لا تؤكد رضوخ الأعداء، ولا تحقق نصرة الأصدقاء.

فرص عظيمة تعطيها أمريكا لأعدائها، وعلى رأسهم الصين، وروسيا وكوريا، وإيران، من أن يتركوا فرصة ضعفها تمر دون أن تنمو قواهم، وتنتشر قواتهم، ويحققوا ما عجزوا عن تحقيقه في السابق من طموحات سلطوية استبدادية.

الدول الصغيرة، والدول الغنية تشعر بحيرة وخوف مما يحدث، فهل يظلون مبقيين على علاقتهم بالكبيرة الأنانية الخائنة، أو يتجهون إلى الأخطبوط الغامض القادم بقوة، فيرعون مصالحهم معه، ويزيدون تعاونهم الاقتصادي، ويشترون منه أسلحة تحميهم وسط فوضى العصر، وعند ذلك فلا بد من نسيان كل ما تعلق في ذواتهم من ثقافات أمريكية لعقود، والبدء في تعلم اللغة الصينية وثقافاتها، واسترضاء قواتها.

وعندها ستتعاظم خسائر أمريكا، ويكثر من يشدون أياديهم حول أذرع الأخطبوط لعبور الحقبة الزمنية القادمة، وستقوم دول عالمية عديدة بإعادة ترتيب صداقاتها، وتحديد شركاء الثقة والقوة وشرف الكلمة، ومن يجب التعامل معه بحذر وبما لا يُلزم، في رؤية عصر ما بعد كورونا.

shaheralnahari@