زهير ياسين آل طه

الجاذبية الذكية للرؤية في البيئة الذكية

الاحد - 05 سبتمبر 2021

Sun - 05 Sep 2021

ما أجمل أن يخرج إنتاج حقيقي ملموس وموثق علميا وموثوق لمبتكرين في المجتمع العملي والعلمي، يمثل الحقيقة التنافسية والإبداعية الذكية بشتى صورها ومنافذها التي تمارسها المنظمات العالمية الذكية ومنها الجامعات ومراكز الأبحاث والمدن والأدوية التقنية وغيرها من المنشآت الاقتصادية. وتستحوذ البيئات الذكية على القدر الأعلى من القيادة التنظيمية والتنفيذية في تلك المنظمات بما تركز عليه أولا من ذكاء استراتيجي وعاطفي وإنساني وثقافي قبل وبعد الذكاء الاصطناعي.

وباختصار شديد؛ لقد شهدنا وشهد العالم كيف تنمو وبسرعة استثمارات التقنيات الذكية في المجتمع العملي والعلمي السعودي في ظل التوجيهات السامية المباركة، امتدادا حقيقيا وانجذابا نحو تحقيق الرؤية 2030 الواعدة، والتي تنبض بدون توقف بكم كبير من المبادرات والفعاليات الرقمية العالمية؛ ومنها شراكات عالمية مع الأمن السيبراني، وقوة في إدارة ومعالجة البيانات، وتأسيس منصات وبرامج ذكية للتعلم التقني والبرمجة وتحدياتها، وإطلاق معسكرات لتبني ودعم الكوادر الرقمية كطويق 1000، إلى ما هو أعمق وأكثر ذكاء وابتكارا حقيقيا وهو صنع رقائق ذكية وفوق الذكية بأيد سعودية كما أعلن وزير الاتصالات.

فالجاذبية نحو الرؤية هنا ليست جاذبية اعتيادية تتأثر بالجوانب العاطفية أو السياسات الفردية فحسب، بل ذكية هجينة يغلب عليها النضج المعرفي لارتباطها بالعقل والحب والإخلاص والوطنية والتفكير والتركيز، وتمثل أيضا الثقة التي تزرع بشفافية وبصدق في فئة الشباب المقبل على الحياة والتعلم والتعليم المهني والتقني والجامعي، لتستثمر فيهم وتعينهم وتنطلق بهم نحو آفاق الإبداع، لتترجم مدى تأثير الجاذبية الذكية تلك على المجتمع، لتخلق منه نموذجا حيا وحيويا ونشطا ذكيا بأفراده المبدعين، متكيفا مع المتغيرات والثقافات ليعزز قوائم وأعمدة جودة الحياة وثباتها واستدامتها.

فالحفاظ على قوة الجاذبية الذكية أمر ليس بالسهل ولا بالصعب أيضا وليس بالسر الغامض إذا أخذ منحى توافقيا مع تطوير البيئات التنظيمية العملية والعلمية الذكية، واتبع على سبيل المثال ما تشمله الدراسات المتعمقة في ذكاء الأنظمة الذي ابتكره الباحثان «سارينين وهمالينين» واعتمد عليهما ومعهما طالب الدكتوراه «تورمانين» في بحثه المنشور عام 2021 بعنوان «مقياس جديد حول ذكاء الأنظمة لتعلم المنظمات» محاولا إثبات نجاح المنظمات ذات طابع الأنظمة الذكية بغض النظر عن الهياكل التنظيمية، مقارنا مقاييس ذكاء الأنظمة مع أبعاد استبيان منظمة التعلم (DLOQ)، وهو المقياس الأكثر شيوعا والمستخدم لتقييم مؤسسات التعلم، وقد أظهرت النتائج لديه قابلية الاعتماد على النهجين في تقييم ذكاء المنظمة بما يحمله المغزى من تناغم ودفء في العلاقات والتعاون داخل البيئة الذكية، أي بمعنى «أن البشر هم الأساس في نجاح أي منظمة إن أرادت البقاء».

ومن يواجه صعوبات من تلك المنظمات؛ فليطبق على نفسه مقاييس ذكاء الأنظمة مع أبعاد استبيان منظمة التعلم (DLOQ) واختيار ما يناسب من المؤشرات التي تتوافق مع منتجاته وعمله وسياسته الاستثمارية في البشر وغير البشر، وتأثير الجامعات ذات الاتجاهين مهم جدا في قدرتها على تنمية الذكاء في المجتمع العملي ابتداء من اختيار الطلبة النابغين، لتسهم وتشارك في تحقيق الرؤية بما تشمله من تعزيز في جودة الحياة، والتي تعني مجتمعا سعيدا ومبدعا.

فمن منطق علمي وتحليلي في رأيي الخاص لدخول تقويم التعليم وتطوير التعليم ومراكز أبحاث الجامعات في دعم وفهم البيئات الذكية في المجتمع، بما يحقق الهدف الأسمى من وجودهم ككيانات علمية وثقافية وتطويرية تتطور مع تطور الزمن ومع الثورات الصناعية الذكية؛ فربط الجاذبية الذكية مع البيئة الذكية للمنظمات الذكية ضروري وفي حاجة ماسة للتكامل من خلال فهم الذكاء الثقافي «CQ» وتعريفاته ومراجعة وتطبيق ما تم من تحليل فوقي «Meta-Analysis» لأبحاث الذكاء الثقافي الذي ظهر عام 2002 ونما باضطراد جميل لخدمة البيئة الذكية، فهو مقياس للكفاءة بين الثقافات كما يراه البعض، ويعرفه معظم العلماء على أنه «قدرة الشخص على التكيف بشكل فعال مع السياقات الثقافية الجديدة» كما يشير تفصيلا له الباحث «كريستوفر شلايجل» وزملاؤه في بحثه المنشور عام 2021 بعنوان «الذكاء الثقافي والنتائج المتعلقة بالعمل: فحص تحليلي للتأثيرات المشتركة وصلاحية التنبؤات المتزايدة».

@zuhairaltaha