محمد النفاعي

القول الجوهري عن المنتج الثانوي

الاحد - 15 أغسطس 2021

Sun - 15 Aug 2021

التدريب والإشراف في بيئة العمل من أصعب المهمات والواجبات التي من الممكن الإبداع فيها أو التصدي لها لارتباطها بعوامل أخرى مثل الجهد المبذول وتوفير الوقت ومتابعة البرنامج وتقبل الآخرين للتعليمات، من أخذ على عاتقه أو انتهى به المطاف بأن يكون من مهامه التعامل مع الموظفين مباشرة تقع عليه مسؤوليات جسام. هنا نقصد بالتحديد رؤساء الطبقة الدنيا أو الوسطى، من يقوم بهذا الدور مسؤوليته الأساسية هي الربط بين الإدارة والموظفين التقنيين الذين يؤدون المشاريع وينفذون استراتيجيات المؤسسة بشكل عام. هذه الأعمال هي المنتج الأصلي في بيئة العمل. أحيانا، يواجه المدراء مواقف صعبة سببها عناد أو امتناع الموظفين عن تأدية بعض المهمات، لأنها لا تناسبهم أو لعدم قناعتهم بفائدتها للعمل من الأساس أو تبنيهم لفكرة «ماذا فيه لأجلي».

للتعامل مع هؤلاء الموظفين نقول لك ببساطة اعرض عليهم المنتج الثانوي في حال قيامهم بالمنتج الأساس، لأنك بذلك تستطيع استخراج الكثير منهم، وذلك بتحقيق التوازن بين حاجة الموظف وحاجة المنظومة، المنتج الثانوي حسب ما جاء في قاموس كامبريدج هو: «شيء تم إنتاجه نتيجة عمل شيء آخر، أو شيء غير متوقع يحدث نتيجة لشيء ما».

كمسؤول مباشر حاول أن توفر المنتج الثانوي لتلك النوعية من الموظفين لاستدامة الإنتاجية داخل المؤسسة، أفضل توقيت لذلك هو بداية تفويض المهمات، حيث يجب التأكد ‏من طرح المنتج الثانوي عنده شرح المهمة الأصلية والتأكيد بأن السبيل الوحيد للحصول على المنتج الثانوي هو إنجاز المهمة الأصلية.

كان لدي موظف حديث التخرج من الجامعة ولكن كان في طور تكوين مهارات الذكاء الاجتماعي والتعامل مع تحديات العمل. أكمل مشروعه بامتياز، طلبت منه القيام بعرض توضيحي للمشروع على الإدارة في سبيل شرح وتسويق المنتج في سبيل التشجيع والتقدير لمنجزه، الموظف رفض ولم يقتنع بالفكرة وعارضها بشدة، بل وأصر على أنها مضيعة للوقت والجهد؛ لمعالجة الموقف دخلت معه في حديث مطول محاولا إقناعه أن هذا الأمر من متطلبات العمل وإحدى الخطوات الضرورية لأي مشروع ذي قيمة عالية، وسيطلب منه كثيرا في المستقبل، أثناء النقاش ومحاولة الإقناع بدأنا بالحديث عن مستقبله الوظيفي، مع ذلك لم يقتنع حتى بادر بالقول إنه في يوم من الأيام سيقدم استقالته وسيقوم بإنشاء شركته الخاصة؛ لأنه لا يجد نفسه يعمل تحت مظلة النظام المؤسسي الحالي، هنا عرضت عليه المساعدة لتحقيق حلمه وناقشنا متطلبات الشركة المستقبلية ونوعية نشاطها التقني، ثم بادرت بالاقتراح عليه بمنتج ثانوي وهو المساعدة لتحقيق حلمه وكيف أنه سيحتاج لمهارة العرض والتسويق لمنتجاته. قلت له: اعتبر العرض الذي ستقوم به دورة تدريبة مجانية لهذه المهارة وسنساندك كي تستفيد من هذه التجربة وكأنك ستسوق لأحد منتجات شركتك الخاصة، في النهاية اقتنع وقام بالعرض وكان ناجحا جدا.

دليل قوة تأثير المنتج الثانوي علينا واضح جدا في الحياة العامة وخاصة عند التسوق الشخصي، حيث نقع في أحيان كثيرة في فخ اقتناء كماليات أو مواد غذائية لسنا في حاجتها فعليا؛ لتوضيح الفكرة نحن قد نقتني قميصا لأن هناك عرضا باقتناء واحد آخر مجانا، أو نتجاوز بمشترياتنا مبلغا معينا بهدف الحصول على قسيمة بقيمة معينة وغيرها من الأمثلة التسويقية التي لا تخفى على الجميع، إذن المنتج الثانوي له إغراؤه الخاص وقوته الخفية في تسويق المنتج الأصلي.

الخلاصة أن ملامسة حاجات الموظف في النقاشات والاستماع له بحرص يفتحان أبوابا مغلقة، وكما قيل «انتباهك للتفاصيل الصغيرة سيكشف لك طرقا مدهشة لرسم الصور الكبيرة للنجاح». منها فكرة توظيف المنتج الثانوي في التسويق والتي عادة ما يكون له مفعول السحر عند النقاش مع الموظفين والحصول على أفضل ما لديهم.

@msnabq