شاكر أبوطالب

مستقبل المدن وخفض درجات الحرارة!

الاحد - 20 يونيو 2021

Sun - 20 Jun 2021

باتت نتائج التغير المناخي حقيقة ملموسة في كثير من دول العالم، وظهرت آثارها على هيئة كوارث متنوعة، تمثلت أبرزها في ارتفاع درجات الحرارة، وما تبعه من ذوبان للجليد في قطبي الأرض وقمم الجبال الباردة، وارتفاع منسوب البحار والمحيطات.

مع تعاقب أحداث مناخية متطرفة، في مقدمتها تكرار حوادث احتراق الغابات نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، واتساع رقعة التصحر حول المدن، وتقلص المساحات المزروعة في الأرياف، وكثرة الأعاصير والعواصف الترابية وموجات الغبار بسبب زيادة حجم انبعاثات الغازات الضارة بالبيئة.

وتحمل ظاهرة تغير المناخ تهديدات ومخاطر حقيقية لشعوب المناطق ذات المناخ الصحراوي الحار، وكذلك مجتمعات البلدان التي تزداد فيها معدلات الرطوبة نتيجة المسطحات المائية المحيطة بها. وتعد هذه المناطق الأكثر عرضة للتأثر بنتائج ظاهرة الاحتباس الحراري.

وكذلك فإن نقص الغطاء النباتي داخل المدن والمناطق الحضرية، وزيادة مستويات الحرارة التي تحتفظ بها المباني السكنية والتجارية والطرقات المعبدة، سيؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذه الأماكن مقارنة بما يحيط بها من مناطق.

وبالتالي فإن الآثار المترتبة على ظاهرة تغير المناخ تضيف مزيدا من التحديات إلى بيئة المملكة العربية السعودية، التي تتسم بمناخ شبه جاف إلى صحراوي جاف، مع أيام حارة وليالي باردة، وانخفاض شديد في هطول الأمطار السنوية.

فقبل 120 عاما في الرياض، كان متوسط الحرارة في شهر يوليو 34.6 درجة مئوية فقط، ومن المتوقع بعد 80 عاما أن يصل متوسط الحرارة في الشهر ذاته إلى 43 درجة مئوية! بحسب أحدث البيانات الصادرة عن عدد من الدراسات المختصة بالمناخ والأرصاد الجوية.

ورغم أننا لا زلنا في شهر يونيو، إلا أن درجة الحرارة في الرياض بدأت في تسجيل مستويات عالية، تجاوزت 45 درجة مئوية في الظل! وقبل دخول فصل الصيف، الذي يبدأ من 21 يونيو وحتى 22 سبتمبر من كل عام!

لا شك أن قيادتنا الرشيدة مدركة تماما لظاهرة التغير المناخي، ويتضح ذلك في المبادرات المستدامة التي انبثقت عن (رؤية 2030)، سواء في إصلاح هيكلة موارد الدخل، وخفض الاعتماد الكبير على النفط، وتبني الاقتصاد الدائري للكربون؛ لإتمام دورة الكربون وإغلاقها.

والاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة، بما في ذلك مشاريع توليد الطاقة من أشعة الشمس والرياح، والترشيد في استهلاك الطاقة، والحد من هدر المواد واحتراق الغازات.

وبكل وعي ومسؤولية ومبادرة، أعلن الأمير محمد بن سلمان عن (مبادرة السعودية الخضراء)، لزراعة 10 مليارات شجرة داخل المملكة خلال العقود القادمة، لإعادة تأهيل حوالي 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، وزيادة الغطاء النباتي إلى 12 ضعفا، ورفع نسبة المناطق المحمية إلى أكثر من 30% من مساحتها الحالية.

كما أطلق سمو ولي العهد (مبادرة الشرق الأوسط الأخضر)؛ بالشراكة مع دول مجلس التعاون والشرق الأوسط، لزراعة 40 مليار شجرة إضافية في المنطقة، ليصبح الإجمالي 50 مليار شجرة، كأكبر برنامج إعادة تشجير في الأرض، ضمن المستهدف العالمي لزراعة ترليون شجرة.

ما سبق من مبادرات يبعث الأمل ومزيدا من التفاؤل بمستقبل أخضر للمملكة والمنطقة والعالم. وفي الوقت نفسه يحفزنا للتفكير بجدية في ضرورة الشروع والمسارعة في تطوير حلول مبتكرة لخفض درجات الحرارة داخل المدن والمناطق الحضرية، سواء من خلال إعادة تخطيط الأحياء القديمة لزيادة المسطحات الخضراء فيها، واعتماد ذلك في التخطيط للأحياء الجديدة.

وتحفيز رواد الصناعة في المملكة لتوفير مواد مستدامة وصديقة للبيئة في قطاع البناء وتشييد المدن، وتطوير تطبيقات خضراء لاستخدامها في الأسطح والعزل، داخليا وخارجيا، وابتكار دهانات أقل تخزينا للحرارة، والحد من استخدام المرايا والأسطح العاكسة لأشعة الشمس في المباني المرتفعة. وإعادة تقويم الأساليب التقليدية لتعبيد الطرق الحالية لتطوير حلول مستقبلية لشبكات نقل منخفضة الاحتفاظ بالحرارة، وغير ذلك من الحلول المبتكرة والتطبيقات المطورة للإسهام في خفض درجات الحرارة داخل المدن والأرياف.

shakerabutaleb@