الرئيس الثامن لإيران ينتظر تركة من الفساد والإرهاب

رئيسي مرشح لخلافة خامنئي صاحب السطوة والأكثر عدوانية بين حكام الملالي
رئيسي مرشح لخلافة خامنئي صاحب السطوة والأكثر عدوانية بين حكام الملالي

الاثنين - 14 يونيو 2021

Mon - 14 Jun 2021

ينتظر الرئيس الثامن لإيران الذي سيجرى انتخابه يوم الجمعة المقبل تركة كبيرة من الفساد والإرهاب والقمع، بعدما تحول حكام طهران منذ اندلاع الثورة الخمينية قبل 4 عقود من الزمن إلى مجرد بهلوانات يتحكم فيها المرشد الأعلى.

وفيما تشير كل التوقعات إلى فوز سهل للمرشح الأوفر حظا إبراهيم رئيسي، يرى المراقبون أن الرئيس الجديد لن يغير كثيرا من السياسة الإيرانية القائمة على التدخل في شؤون الغير، ورعاية الإرهاب والقمع في الداخل.

وكشف تقرير لـ(العربية نت) أن رؤساء إيران السبعة الذين تولوا المسؤولية على مدار 42 عاما، كانوا كلهم مجرد أدوات في أيدي نظام الملالي الإرهابي، وأكد أن أكثرهم حظا كان علي خامنئي، الذي أصبح مرشدا للثورة بعد أن كان رئيسا للجمهورية، أي إنه في صلب العملية السياسية للنظام كواحد من أبرز مرافقي مؤسسه روح الله الموسوي الخميني.. وتحول إلى الأكثر عدوانية في جسد النظام.

أبو الحسن بني صدر

يؤكد التقرير أنه أول رئيس منتخب في إيران الثورة، حيث ذهب الإيرانيون للتصويت في يناير 1980 لاختيار رئيس للنظام الجديد.

أكثر من 14 مليون ناخب، من أصل 20.9 مليون إيراني يحق لهم التصويت، شاركوا في الاقتراع، بما نسبته 67.4%، حيث فاز بني صدر بأكثر من 10 ملايين صوت، بما نسبته 75.6%، وهو الشاب الذي ناضل ضد حكم الشاه الراحل محمد رضا بهلوي، وكان حاضرا إلى جانب الخميني في منفاه الفرنسي، بمحلة (نوفل لوشاتو)، كوجه مدني للثورة التي قادها رجل دين.

وتصاعدت خلافات بني صدر مع عدد من أقطاب الثورة، من بينهم الرئيس السابق لـ(السلطة القضائية) آية الله محمد بهشتي، والرئيس السابق علي أكبر رفسنجاني. كما تم اتهام أبو الحسن بني صدر بضعف إدارة الحرب (الإيرانية - العراقية)، لتتصاعد خلافاته مع مؤسس الثورة آية الله الخميني، ويصدر مجلس الشورى الإسلامي قرارا بإقالته، ويترك المنصب في يونيو 1981.

وغادر بني صدر (الثورة) إلى البلد الأوروبي الذي عاد منه، ليكون محطة انطلاق له لنقد النظام السياسي الحاكم في إيران مجددا، ولكن هذه المرة ليس معارضا لعرش الشاه، بل لسلطة رجال الدين.

محمد علي رجائي

قدم أوراق اعتماده لآية الله الخميني رئيسا للجمهورية الإيرانية عام 1981، خلفا لأبي الحسن بني صدر، باعتباره رجلا قادما من الشعب، حيث كان رجائي رئيسا للوزراء في حكومة سلفه.

فاز بنسبة بلغت 91%، بأصوات نحو 12.9 مليون ناخب من أصل 14.5 مليون إيراني شاركوا في الانتخابات، وكان المعلم الذي درس (التربية)، كان مشاركا في الحراك ضد الشاه محمد رضا بهلوي منذ بداياته، وتاليا أصبح وزيرا في حكومة الراحل مهدي بازركان.

ويؤكد التقرير أن رجائي اتصف بالروح (الثورية)، على العكس من رئيس الجمهورية حينها أبو الحسن بني صدر، الذي كان أكثر ليبرالية وبرغماتية.

بني صدر الذي دخل في صراع مع رجال الدين، جاء محمد علي رجائي من بعده ليعين عالم دين رئيسا للوزراء، ألا وهو الشيخ محمد جواد باهنر.

وقد اغتيلا (رجائي وباهنر) في تفجير مكتب رئيس الوزراء الإيراني، في أغسطس 1981، وهي العملية التي تشير بعض التقارير إلى تورط منظمة (مجاهدي خلق) في تنفيذها.

علي خامنئي

بعد أن فقد الإيرانيون رئيس جمهوريتهم ورئيس الوزراء في عملية اغتيال، وفي أكتوبر 1981 ذهبوا مجددا لاختيار رئيس جديد، مدفوعين بالرغبة في (الوفاء لدماء رجائي وباهنر)، ولذا جاءت نسبة المشاركة أعلى من الدورتين السابقتين، لتبلغ 74.2%، حيث شارك 16.8 مليون ناخب، صوت منهم 16 مليونا لصالح السيد علي خامنئي، بما نسبته 97.01%، لتكون أعلى نسبة أصوات يحصل عليها رئيس إيراني، في مختلف الدورات الانتخابية منذ 1979 وحتى اليوم.

جاء خامنئي مدعوما بروح ثورية كبيرة، وأجواء عاطفية مشحونة في الحرب (الإيرانية-العراقية)، تم انتخابه لدورة ثانية العام 1985، بنسبة أصوات 87%، حيث صوت له 12.2 مليون ناخب، من أصل 14.2 إيراني ذهبوا لصناديق الاقتراع، في انتخابات شارك فيها 54.7% ممن يحق لهم التصويت.

ويعد آية الله خامنئي أكثر السياسيين نفوذا، فبعد أن أتم دورتين كرئيس للجمهورية، انتخب مرشدا للثورة العام 1989، كخليفة لآية الله الخميني، حيث لا يزال واليا للفقيه، بعد أن أحكم إدارته لمفاصل الدولة، وأصبح صاحب الكلمة الفصل، على عكس بقية الرؤساء الذين تفرقت بهم السبل.. حسب التقرير.

أكبر هاشمي رفسنجاني

يسمونه (شاه الثورة الخمينية)، ويعتبر رفيق درب المؤسس منذ البدايات، والرجل الذي أقنع الخميني بوقف الحرب (الإيرانية - العراقية)، جاء رابع الرؤساء في تاريخ الجمهورية الإيرانية، حيث صوت له العام 1989، نحو 96% من الناخبين، حاصدا 15.5 مليون صوت، من أصل 16.4 مليون مشارك.

جاء فوزه الكاسح وسط رغبة الإيرانيين بتجاوز حقبة (الحرب) والبدء في مرحلة (الإعمار والبناء)، ولذا كان حزب رفسنجاني يعرف بـ»كوادر البناء»، وهو التيار العريض من التكنوقراط والسياسيين المعتدلين والمثقفين، الذي شكله رفسنجاني خلال سنين حكمه، وأراد من خلاله ترسيخ (الدولة) وترويض (الثورة)!

حكم رفسنجاني دورتين متتاليتين، حيث أعيد انتخابه العام 1993، حاصلا على 10.4 ملايين صوت، يمثلون 64% من الناخبين، وهو التراجع الذي أتى نتيجة وجود امتعاض شعبي وسط الطبقة المتوسطة والفقيرة.

عمل على تثبيت السيد علي خامنئي مرشدا للثورة، انتهى به الحال رئيسا يشتكي إضعاف رفاق الدرب له، وتهميش صورته لصالح أحمدي نجاد، الابن المدلل للمرشد، قبل أن يتمرد!

رفيق درب معلمه الخميني، والذي كان مقربا منه، توفي العام 2017، بعد تضييق طال عائلته، وتشويه لسمعته، لتكون ابنته فائزة من بعده صوتا معبرا عن تمرد أبناء الثورة على (إخوة درب أبيها)!

محمد خاتمي

أكمل مسيرة سلفه هاشمي رفسنجاني، رغم أنهما ينتميان لخطين مختلفين، كانا في مرحلة سابقة في تنافس وصراع مستمرين.

صوت 69% من الإيرانيين في الانتخابات عام 1997 لصالح خاتمي، الذي جاء بوعود بـ(الإصلاح) و(الانفتاح على العالم) و(كسر العزلة الدولية)، وكانت (حوار الحضارات) أهم أطروحة قدمها الرئيس خاتمي للعالم الخارجي، ومن خلالها سعى لأن يغير الصورة النمطية للجمهورية الثورية، وبالتالي نقلها من صورة الدولة المتمردة إلى الدولة المتناغمة مع محيطها الإقليمي.

وزار السيد خاتمي السعودية، والتقى الراحل الملك فهد بن عبدالعزيز، وواصل ما بدأه هاشمي رفسنجاني من انفتاح على دول الخليج العربية، إلا أن صاحب الابتسامة العريضة، والمثقف الذي نشرت له (دار الجديد) اللبنانية عددا من الترجمات العربية لمؤلفاته، واجه صعوبات كبيرة من التيار المتشدد، وأيضا من الحرس الثوري، الذي وقف أمام العديد من مشاريعه وأفكاره، وعمل على إجهاضها عاد الإيرانيون وانتخبوا خاتمي رئيسا لجمهوريتهم، وبنسبة أكبر، العام 2001، حاصدا 21.6 مليون صوت، من أصل 28.1 مليون مشارك، بنسبة 77%.

قاد (التيار الإصلاحي)، وشهدت إيران في عهده نموا في الحريات الاجتماعية والتعبير النسبي عن الرأي، وإطلاق عدد هائل من الصحف والمجلات، ونقدا لمؤسسات النظام وخطابه التقليدي، انتهى به الحال ممنوعا من الظهور على وسائل إعلام بلاده.

محمود أحمدي نجاد

جاء قادما من تجربة يعتبرها بعضهم ناجحة، وآخرون يرونها متواضعة، ليكون الرئيس السادس في تاريخ إيران عام 2005، ربح الانتخابات بنسبة 61.6%، حاصلا على 17.2 مليون صوت، من أصل 27.9 مليون ناخب، بمشاركة شعبية بلغت 59.7%، أي أقل من سابقتها التي جاءت بالرئيس محمد خاتمي.

استطاع نجاد بمعطفه المتواضع، وسحنته السمراء، وخطابه الشعبوي، وادعاءاته الغيبية، أن يجذب مؤيدين له من المحافظات الطرفية، والقرى الفقيرة، والطبقات الأكثر تضررا، وتلك الأوساط التي رأت في الرئيس محمد خاتمي مجرد مثقف يجيد رسم صورة وردية لإيران، إلا أنهم لم يجدوا لها انعكاسا مباشرا على حياتهم اليومية والمعيشية.

لقي دعما مباشرا من (جبهة الصمود) الذي كان الراحل آية الله مصباح يزدي بمثابة الأب الروحي لها، وكان هذا التيار منضويا تحت جناح المرشد آية الله خامنئي ومطيعا له. وهو ما جعل أحمدي نجاد يحظى بمباركة خامنئي حتى قبالة شخصية لها سبق قدم في (النضال) ألا وهو الرئيس الراحل هاشمي رفسنجاني، الذي شن عليه نجاد حملة واسعة، جعلته يعرب عن تذمره منها، وعتبه على رفيق دربه خامنئي الذي لم يدافع عن رفسنجاني كثيرا.

فاز برئاسة ثانية العام 2009، في صراع محتدم على السلطة مع (التيار الإصلاحي)، واتهامات بالتزوير، بعد أن حصد 24.5 مليون صوت، من أصل 39.3 مليون مشارك، أي ما نسبته 62.6% من أصوات المقترعين الذين بلغت نسبة مشاركتهم 84.8%، وهي أعلى نسبة مشاركة شعبية في تاريخ الثورة.

لم يكن نجاد عند حسن ظن المرشد خامنئي به، وهو الذي منعه من تقبيل يده ذات مرة، في دلالة على بدايات فتور في العلاقة بين الشخصيتين؛ وهو الأمر الذي انعكس على تأييد التيار (المتشدد) له، حيث بدأت جبهة الصمود في التخلي عن دعمها لنجاد، الذي أسس تاليا تياره الخاص، مطلقا عليه اسم (دولة الربيع)!.

عاد نجاد وترشح لانتخابات العام 2017، على عكس نصيحة المرشد خامنئي له، إلا أنه لم تقبل أهليته، ليعيد المحاولة العام 2021، ويتم رفض ترشيحه مجددا، ليزيد من منسوب نقده للنظام الذي كان جزءا منه.

حسن روحاني

انتخب لدورتين متتاليتين، في 2013 و2017، جاء مدعوما بتجربة حكومية طويلة، كان فيها عضوا في مجلس الشورى ومجلس تشخيص مصلحة النظام ومجلس خبراء القيادة، وأيضا الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي، حيث نجح وقتها في عقد اتفاق أمني تاريخي بين السعودية وإيران، وقعه حينها وزير الداخلية السعودي الراحل الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود.

في دورته الأولى، فاز روحاني بنحو 50.7% من أصوات الناخبين المشاركين، حاصدا 18.6 مليون صوت، من أصل 36.8 مليون صوت.

أما الدورة الثانية، العام 2017، فقد زادت نسبة التأييد لروحاني، حيث صوت له 57% من المقترعين، بواقع 23.6 مليون إيراني، من أصل 41.3 مليون ناخب أدلوا بأصواتهم، ونسبة مشاركة فاقت سابقتها بنحو 1%، بالغة 73.3% من المسجلين الذين يحق لهم التصويت.

دعم الإيرانيون روحاني بشكل واسع، معلقين آمالا عريضة عليه، وخصوصا بعد أن وقعت حكومته خطة العمل الشاملة المشتركة، العام 2015، مع مجموعة دول الـ5+1، إبان رئاسة باراك أوباما للولايات المتحدة الأمريكية، قبل أن ينسحب من الاتفاق الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، العام 2018.

حمل مع مجيئه تطلعات شعبية بأن تتحسن علاقات إيران مع جوارها الخليجي، ويزدهر اقتصادها، شهدت فترة حكمه هجوما من المتشددين على المقار الدبلوماسية السعودية في إيران، مما حدا الرياض إلى قطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران، العام 2016، وهو الهجوم الذي انتقده روحاني بشدة.

اطلق تقرير (العربية نت) على روحاني لقب (الرئيس المُكبل)، بعد توغل الحرس الثوري في السلطة، وإحكام المرشد آية الله خامنئي قبضته على القرارات المفصلية للدولة؛ ولذا، شهدت إيران أزمات اقتصادية وأمنية وسياسية عدة في عهد روحاني، الذي وجد نفسه محاصرا من عدة جهات، وأتت جائحة (كوفيد-19) لتزيد الطين بلة!