معراج الندوي

الابتسامة عبادة

الاحد - 30 مايو 2021

Sun - 30 May 2021

الإسلام هو دين السلام، دين الإحسان إلى الآخرين، الإسلام دين يجعل الابتسامة صدقة في ميزان العبد يوم القيامة، قال عليه السلام «وتبسمك في وجه أخيك صدقة»، ومن الصدقات أن تلقى أخاك بوجه طليق، هذا من الصدقات التي يبذلها المرء بشاشة الوجه وطلاقته وإشراقه، خلاف الوجه العبوس مقطب الجبين الذي إذا رأيته فيه الشؤم والغضب والكراهية، فما ترتاح النفس لرؤيته نتيجة لمعصية الله، نتيجة للطباع الغضبية السيئة.

الابتسامة هي صدقة يبذلها الإنسان من غير تكلفة، ولكن هي في الحقيقة مكلفة، هي بالظاهر غير مكلفة ولكن بالواقع أين النفس المستقرة المطمئنة التي يظهر أثر هذا الاستقرار والاطمئنان والسعادة القلبية، يظهر أثرها على الجوارح على الوجه، فيكون الوجه طلقا بشوشا.

الابتسامة مشرقة على الوجه فتجد كل من يلقى هذا الإنسان يرتاح إليه ويطمئن لما يراه من أثر السعادة الداخلية، وإذا كان الإنسان صاحب مشاكل وبؤس ومعاناة تجد أثرها على وجهه، فمن أسباب ذلك الإكثار من ذكر الله عز وجل يؤدي إلى نور بالوجه وإشراقه.

إن هناك الكثير من الناس لا يعرفون معنى الابتسامة، سواء عند التواصل مع شخص غريب، أو لقاء إنسان قريب، ويمتد الأمر حتى عند مقابلة الحصول على عمل، وهم لا يعرفون أن الابتسامة هي جواز السفر لقلوب الآخرين، وهي المفتاح الذي نفتح به أبواب النفوس وخبايا شخصيات الناس الذين نقابلهم، الابتسامة هي مرآة النفس البشرية التي تظهر الجوانب الإيجابية في شخصية الإنسان.

الابتسامة وردة روح وعطر المشاعر، وهي تمنح محبة الآخرين، بالإضافة إلى أنها تحرك الكثير من عضلات الوجه غير المستخدمة، والوجه الذي لا تزوره الابتسامة يذوي ويذبل مثل زهرة لا يصلها الماء. الابتسامة تعكس فيها شخصية الإنسان، لذا قيل «ابتسم لتبقي روحك طفلة وتبقي شخصيتك شابة متطلعة لمحبة الآخرين.»

الابتسامة عبادة، بل من أسمى العبادات، ومن الجدير بالذكر أن غرض العبادة في الإسلام هو شكر لله تعالى على نعمته العظمى، والغرض الثاني هو السعي إلى سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، ومن هذه الناحية، لا يقتصر المؤمن عباداته على أداء الواجبات فحسب، بل يحاول ويبذل كل ما في وسعه أن يسعد ذويه وإخوانه وأقرباءه وأحباءه ويبث فيهم من سعادة الإيمان وحلاوته.

الابتسامة لا تكلف سوى نفس راضية وروح متسامحة، وتبقى الابتسامة نوعا من التفاهم مع الآخرين، وهي بمثابة هدنة تكبح الأفكار السلبية، بل هي تحية مليئة بروح التسامح والغفران. ومن عظمة الإسلام أن الابتسامة وطلاقة الوجه من الصدقات التي يؤجر عليها العبد، فالابتسامة صدقة، والصدقة عبادة، بل من أسمى العبادات.

[email protected]