صالح العبدلي

اللون البنفسجي.. والاحتفاء بالسجاد!

الاحد - 23 مايو 2021

Sun - 23 May 2021

في أواخر شهر رمضان الماضي وبالتزامن مع استقبال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ضيفه الشيخ محمد بن زايد في مطار جدة، كان يصاحب مراسم الاستقبال احتفاء من نوع آخر وهو فيما يتعلق بالسجاد، في بادرة من وزارة الثقافة بالتعاون مع المراسم الملكية، حيث تفاعل المغردون، وتغيرت صور المعرفات في مواقع التواصل الاجتماعي، وتزينت الأبراج باللون الجديد، وأصبحت الشوارع تعكس ذلك الحدث.

لكن هذا الاحتفاء ربما يغيب عن أذهان الكثيرين أهدافه، فهو ليس احتفاء بمناسبة تغيير السجاد فقط بل هو إخبار للعالم أن المملكة اعتمدت هذا السجاد كي يكون اللون الرسمي لها، وهنا تكمن أهمية الاتصال غير اللفظي.

لأن مراسم الاستقبال لدى الممارسين السياسيين، أيا كان شكل الوفد ذات حساسية عالية، فالعاملون فيها يجب أن يكونوا ذا سمات تتمتع بالدقة العالية والتركيز في أدق التفاصيل، كون أن الكثير من التفاصيل في مراسم الاستقبال والضيافة والتوديع لها دلالات ومؤشرات لا يفهمها إلا من يجيد لغة الساسة.

يذكر اللواء والسفير السابق صالح الغفيلي، موقفا حكاه له أحد الدبلوماسيين العرب - لم يفصح عن اسمه - يقول: استقبل رئيس إحدى الدول وفدا رسميا من دولة ما في قصر رئاسته، وبين هذا الوفد عضو لم يلتزم بالزي الذي ارتداه زملاؤه أعضاء الوفد، مما أعطى الرئيس المستضيف إشارة إلى أن هذا الشخص يحاول أن يقلل من احترامه وشأنه، فما كان من الرئيس إلا أن يطرده ويطلب منه المغادرة، مما سبب حرجا كبيرا لرئيس الوفد الضيف.

ومن الأخطاء البروتوكولية التي تسببت في أزمة دولية في وقت سابق قريب جدا، هي ما عرفت بحادثة (فضيحة الكنب) التي وقعت أحداثها قبل شهرين تقريبا عندما زارت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، تركيا زيارة رسمية برفقة رئيس المجلس الأوروبي،

حيث وقع مسؤولو المراسم في خطأ بروتوكولي – لا يعرف إذا كان متعمدا أم لا - عندما لم يضعوا للرئيسة كرسيا بجانب إردوغان، واكتفوا بوضعها قبالة وزير الخارجية التركي الذي منصبه يعتبر أقل من منصبها، مما وضعها في موقف محرج جدا، استدعى غضب بروكسل والاتحاد الأوروبي.

تفاصيل المناصب واحترام التراتبية ذات خط أحمر في العملية السياسية، بل إن بعض الأخطاء التي ربما تقع فيها دولة ما، تضطرها إلى أن تدخلها في دوامة اعتذار وبيان توضيحي، وربما تصل إلى شأن يمس السيادة، ويخلق أزمة دولية بسبب خطأ بروتوكولي.

قبل إقفال القوس، أذكر مرة قال لي معلمي في الصحافة السياسية، في السياسة ليس كل فعل تراه في الممارسة السياسية يحمل معناه، بل هناك الكثير من الأفعال عندما يمارسها السياسيون فهي تعطي دلالات تشير إلى عكس معناها.

@SalehAL3bdli