يزيد الملحم

التجربة الأوروبية في تنمية الصادرات والاقتصاد

الاحد - 23 مايو 2021

Sun - 23 May 2021

في القرن الثامن عشر كتب المفكر ديفيد ريكاردو نظرية تنص على أن كل بلد يعتبر أكثر إنتاجية من بلد آخر في مجال معين من الاقتصاد، وبالتالي فإن تبادل السلع -التصدير والاستيراد- هي فكرة مفيدة لجميع الدول.

كانت هذه النظرية هي نظرية الميزة النسبية. بعد قرون من هذه النظرية، أصبح من الممكن أن نرى بوضوح أهمية التصدير للبلد المصدر من حيث المساهمة في تعويض تكلفة الواردات وتعزيز الاقتصاد المحلي مما يضيف للناتج المحلي الإجمالي. فالصادرات لها أهمية كبيرة للدول في خلق الوظائف وزيادة النمو الصناعي والتقني.

في الدنمارك، ينظر إلى التصدير والتجارة الخارجية على أنها وسيلة لتحقيق إنتاجية وازدهار أكبر للدولة. لذلك، وضعت الحكومة استراتيجية اقتصادية تركز على أسواق النمو الجديدة خارج أوروبا والتي توقعوا أن تمثل 60% إلى 70% من النمو العالمي.

لم تشمل هذه الاستراتيجية تصدير المنتجات فقط، بل اشتملت أيضا على نقل الاستثمار وتصدير المعرفة والتكنولوجيا إلى هذه الأسواق الجديدة من خلال مجموعة من الأهداف والمبادرات.

تركزت أهداف الاستراتيجية الدنماركية على التأكد من إطار عمل دولي جاذب، المساهمة في زيادة الصادرات، تمكين وتطوير الشركات الكبيرة، جذب المزيد من الاستثمارات الخارجية، وتعزيز مكانة الدنمارك في مجالات الابتكار والتقنية. كانت هذه الاستراتيجية مبنية من وزارة الخارجية الدنماركية.

تعتمد الدنمارك بشكل أساس على وزارة الخارجية لديها لتكون المسؤولة عن دعم وترويج الصادرات الدنماركية عبر القنصليات، والسفارات، ومجلس التجارة والاستثمار. إضافة لذلك، توجد مراكز استثمار دنماركية في ميونخ، نيودلهي، شنغهاي، وادي السيلكون ومدن أخرى.

إن هذه المراكز والجهات الداعمة تساعد الشركات الدنماركية في العثور على شركاء ومستثمرين وبيئات معرفية متنوعة لتحتضنها وتنميها وتحسن فرص النمو لديها.

أما ألمانيا، فيقولون دائما «إن واحدا من كل أربعة أماكن عمل هناك تعتمد بشكل مباشر أو غير مباشر على التصدير»، فهي تعتبر ثالث أكبر دولة في التصدير بقيمة تقارب 1.5 مليار يورو بنسبة 46% من الناتج المحلي الإجمالي.

إن الجهة المسؤولة عن ترويج الصادرات في ألمانيا هي وزارة الشؤون الاقتصادية، وتتركز استراتيجيها على ثلاثة أمور رئيسة: المساعدة في الوصول إلى الأسواق المحلية والعالمية، الحد من المخاطر، والحد من العقبات قبل دخول السوق بالنسبة للشركات الناشئة والمتوسطة.

هناك جهات أخرى أيضا ترتبط بترويج الصادرات إضافة لوزارة الشؤون الاقتصادية وهم: الغرف التجارية الألمانية في الخارج، وكالة التجارة والاستثمار، والبعثات الدبلوماسية.

وفي إسبانيا، كان للأزمة الاقتصادية العالمية 2008 دور كبير للتوجه إلى زيادة الصادرات وتعزيزها لدعم التوظيف وتحقيق النمو في الاقتصاد الإسباني.

فقد قررت وزارة الاقتصاد هناك بتنفيذ استراتيجية تساعد في تحسين نشاط الصادرات والتبادل التجاري.

تتركز هذه الاستراتيجية على 4 محاور رئيسة. أولا، دعم الشركات الناشئة والمتوسطة من قبل المركز الإسباني للتجارة الخارجية -الذي يتبع إلى وزارة الصناعة والسياحة- وهو مركز يعمل في جميع أنحاء العالم بهدف تعزيز ودعم الشركات الإسبانية من أجل تحسين قدرتها التنافسية لتضيف للاقتصاد الإسباني ككل.

ثانيا، تسهيل الإجراءات والتشريعات للتشجيع على الابتكار والترويج. ثالثا، مضاعفة التعاون بين القطاعين العام والخاص لتحسين وتفعيل الإجراءات العامة.

يتمثل دور وزارة الاقتصاد الإسباني بتحديد وتطوير وتنفيذ السياسيات التجارية التي تتعلق بالتجارة الخارجية والدبلوماسية الاقتصادية. أما المركز الإسباني للتجارة الخارجية فيعتبر الذراع التنفيذي لترويج الصادرات ودعم القدرة التنافسية للشركات الإسبانية.

يمتلك المركز 31 قسما لدعم قطاعات مختلفة، إضافة لحوالي 100 مكتب اقتصادي وتجاري حول العالم. حيث توفر هذه المكاتب بنية تحتية مؤقتة للشركات الإسبانية -خارج إسبانيا- ومكان يعمل كحاضنات لهم ومروج للمنتجات.

إن تنمية الصادرات تعتبر جزءا أساسا من أي استراتيجية لها أبعاد تهدف لأخذ حصة من الأسواق الإقليمية والعالمية لتصل إلى تنمية اقتصادية كبيرة. والتجارب الأوروبية تعتبر تجارب رائدة في هذا الجانب.

فهذه الدول تعتبر الصناعة والتصدير مشروعا وطنيا هاما، ولذلك سخرت من أجله الكثير من الأدوات.

Yazedalmulhem@