زيد الفضيل

الشريك الأدبي رؤية وطن ..

السبت - 20 مارس 2021

Sat - 20 Mar 2021

تراءى أمامي شريط طويل من الذكريات حين قرأت فكرة ومشروع «الشريك الأدبي» الذي أطلقته وزارة الثقافة مؤخرا من ضمن حزمة مشاريع ثقافية متوائمة مع رؤية الوطن المستقبلية وفق ما يعلنه ويقوده بهمته وعزمه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بمباركة من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يحفظهما الله.

في هذا المشروع الرائد إتاحة واسعة لكل ما يخطر في البال من أنشطة ثقافية كانت محصورة في جهة محددة، وهي مؤسسة جمعية الثقافة والفنون ومؤسسة الأندية الأدبية الثقافية في المملكة. والحق أقول إن المؤسستين قد أدتا دورهما بشكل فاعل في كثير من حقبهما القديمة، ووفق رؤية من تولى إدارتهما في مختلف تلك الفترات، على أنهما قد فقدتا بريقهما في السنوات الأخيرة لأسباب عديدة، لعل أهمها راجع إلى تولي أساتذة الجامعة سدة الأندية الأدبية، ودون أن يكون لهم دربة في العمل الثقافي الأهلي، لتتحول الأندية وكأنها نشاط علمي قائم في بهو كلية، فافتقدت الثقافة بريقها العفوي الجميل، وأقصي عديد من ممتهنيها لسبب أو لآخر، ناهيك عن حالة البيروقراطية التي حكمت المؤسسة وقتلت الإبداع والنشاط الثقافي بوجه عام. والحال لم يكن بعيدا عن جمعية الثقافة والفنون التي ولندرة ميزانيتها فقد سمحت للفروع بأن تعمل بأسلوبها التسويقي الخاص دون الاهتمام بتحقق المعايير الثقافية والفنية الواجبة، ولعمري فذلك أول الخلل.

أشير إلى أن مشروع «الشريك الأدبي» قد أتاح لكل أديب ومثقف العمل في سياقه بحرية، وحرره من قيد سلطة النادي الأدبي المتعسفة، التي أراد القائمون عليها الاستفراد بمميزاتها وكأنها حكر عليهم، وذلك حين شددوا حال إصدار اللائحة الأخيرة بأن يكون العضو المنتمي حاصلا على درجة البكالوريوس في اللغة العربية، أو يكون له إصدار أدبي، فإن لم يكن من أولئك، فأهلا به بين الجمهور فحسب، وإن لازم الحضور والتصفيق فربما يتكرم عليه القائمون بعضوية مستثناة في النادي، وأقسم أن ذلك هو عين التهميش والإقصاء، حتى إني كتبت في حينه في الزميلة «المدينة» مناديا بتأسيس عضوية للمهمشين، وعقدت حلقة صرخت فيها بأعلى صوتي عبر قناة روتانا الخليجية، ومع ذلك فلم يُسمع قولي، ولم يُؤبه لصوتي ولصوت من كان على شاكلتي ممن درسوا الثقافة علما، وامتهنوا النشاط الأدبي شعرا ونثرا محبة ورغبة وليس منهجا يجب النجاح فيه.

من أجل ذلك فقد استبشرت بهذا المشروع الرائد الذي يسعى وفق منشور وزارة الثقافة إلى: عقد شراكات أدبية مع المقاهي التي تشارك في ترويج الأعمال الأدبية بشكل مبتكر وأقرب لمتناول المجتمع، مما يسهم في رفع الوعي الثقافي بشكل مباشر، ويستهدف برنامج الشريك الأدبي جمهور المقاهي من خلال عمل فعاليات أدبية وثقافية تثري زيارتهم وتجعل منها تجربة ثقافية مختلفة عن المعتاد؛ ويهدف المشروع إلى تعزيز قيمة الأدب في حياة الفرد، ودعم انتشار الكتاب السعودي محليا وعالميا، وتعزيز دور الشريك الأدبي في القطاع الثقافي.

ومن أجل تجويد العمل ستساهم وزارة الثقافة في دعم الشريك الأدبي بعدد من الأمور اللوجستية ومنها: تنسيق التواصل مع الكتاب، واستخراج تأشيرات السفر (فيزا) للضيوف من خارج المملكة، واستخراج التراخيص اللازمة، علاوة على الترويج للفعاليات الأدبية والثقافية عبر الحساب الرسمي لهيئة الأدب والنشر والترجمة. وبعد كل ذلك سيحصل أفضل شريك أدبي في العام على جائزة بقيمة 100 ألف ريال.

أخيرا وفي هذا السياق أذكر أني عملت تجربة أزعم أنها كانت ناجحة في حينه بالرغم من كل المصاعب التي واجهتنا، حيث آمنت بأهمية أن يقوم المجتمع الأهلي بدوره، ودعوت إلى تأسيس مراكز ثقافية أهلية تكون رديفا لمؤسستي النادي والجمعية، أسوة بالتعليم الخاص والجامعات الأهلية؛ وكان أن أسست بدعم من الوجيه الأستاذ أحمد باديب مركزا ثقافيا، وأقمنا من خلاله الكثير من الأنشطة الثقافية المنوعة في مختلف الفنون وسياقات الثقافة والأدب، ومن أبرزها إقامة دورة متخصصة في علوم المسرح عام 2015م باسم دورة أحمد السباعي، استمرت أربعة أشهر على يد أساتذة متخصصين من المعهد العالي للمسرح في الكويت ومن الأردن، وبإشراف الفنان المسرحي خالد الحربي ورعاية النشاط الطلابي بجامعة الملك عبد العزيز.

والسؤال: هل سنشهد في المستقبل دورا فاعلا للشريك الأدبي يحقق المرجو بمتانة؟ أرجو ذلك، وأرجو ألا تكون ساحة المقاهي الثقافية ملعبا للمثقفين الوهميين، وما أكثرهم.

@zash113