ياسر عمر سندي

الخوف الوظيفي والرهاب التنظيمي

الأربعاء - 17 فبراير 2021

Wed - 17 Feb 2021

التباين في الشعور بالأمان بين ما يود الموظف أن تقدمه له المنظمة وبين المستوى الذي يدركه الموظف عن حالته الوظيفية قد يسبب له انفعالا يثير جانب الخوف الموقفي الذي يتعرض له في بيئة عمله وخارجها، ويقف ذلك الخوف حائلا بين نفسيته وأدائه، مما يسبب ردود أفعال فسيولوجية ونفسية كالكسل والفتور وعدم الرغبة في العمل وعدم التقبل جراء القلق والاضطراب المتلازمين لشخصية الموظف، والتي تسمى في مجملها «الفوبيا الوظيفية» التي تنشأ من سلبيات فكرية مثل ترك الوظيفة أو تغير مكان العمل أو الخوف من عدم الترقي أو فقد المزايا الوظيفية أو الضبابية التنظيمية، وهذه الأسباب قد تكون مجتمعة وقد تكون متفرقة تنتقل من الحالة العرضية إلى المشكلة المرضية، وبلا شك يعتمد ذلك على نمط الشخصية للموظف وقوة وعيه وإدراكه المعرفي.

أرى أن هنالك عدة عوامل مرادفة تزيد من صياغة تلك الفوبيا، وذلك الرهاب لدى الموظف، مثل النمط القيادي للرؤساء والمديرين والتنفيذيين من حيث الديكتاتورية والتسلط واستغلال المنصب، وعلى النقيض أيضا إذا ما كان هنالك رئيس جاهل بالأنظمة فاقد للمعرفة يمارس دوره الإداري بتفضيل من لا يستحق على من يستحق في العمل.

كما أن للعوامل الاجتماعية دورا مهما في تعزيز الخوف كالثقافة المجتمعية والتربوية السلبية اللتين تجعلان من الموظف حبيسا للإشاعات والتكهنات التي تعزز من قلقه الدائم وتشكيكه المستمر في قدراته الشخصية المكتسبة وخبراته الممتدة التي تأهل عليها وأتقنها فيصبح هشا تذروه رياح الأفكار السوداوية التي تعصف به.

من وجهة نظري السلوكية والتنظيمية أنصح بعدد من الاستراتيجيات، أرى أنها قد تساعد الموظف في التغلب على خوفه المرضي وتعين المنظمة على مساعدة موظفيها للوصول إلى مرحلة الاستقرار النفسي، وذلك بتبني منهجية التغيير الإيجابي المفعم بالبصمات التنظيمية من قبل القادة، والتي تنطلق من رسالة المنظمة الفعلية ورؤيتها المستقبلية المرسومة بتخطيط مدروس ومعلن للجميع يقوده كادر بشري ومورد إنساني يمتلك الفكر المعرفي والثقافي لتفعيل المشاركة بين جميع العاملين كل فيما يخصه من حيث المستويات التنظيمية والمراكز الوظيفية، حيث يستطيع القادة اتباع مبدأ المرونة الإدارية في تصميم الهياكل التنظيمية وقولبتها بحسب الحاجة متى ما دعت الضرورة لذلك، لأن الهيكل الجامد يسبب انزعاجا ورتابة ومللا للموظفين وبقرطة وتعثرا للعمل، وبالتالي يعوق المرونة الإنتاجية والخدمية بحسب طبيعة المنظمة، سواء كانت خاصة أو حكومية.

لا ننسى العامل الأول في عملية التغذية الراجعة لتنمية القدرات وكسب المعارف، وهي العملية التدريبية المستمرة وأقصد بالمستمرة أي التي تلبي الاحتياجات الوظيفية من دافعية وتحفيز ومهارة وإتقان ومسايرة لكل ما هو جديد في عالم الإدارة والسلوك التنظيمي.

الخوف انفعال طبيعي يعتري النفس البشرية، ويظل في خانته الطبيعية بالتحفيز اللاشعوري الذي يُلح على الموظف أن ينافس ويتطور على أقرانه ويتميز بنوعية المخرج وجودة المنتج الخاص به، ولكن وفي هذه الفترة تحديدا زاد ذلك الخوف عن معدله الطبيعي، الذي تسبب في ظهوره وباء كورونا عامة، خاصة على مستوى الأعمال والوظائف أصبحت النفس تشعر بالخوف المرضي الشديد والذي يضطر الموظفين أحيانا ممن لديهم هشاشة نفسية أن تعتريهم تلك الفوبيا بأفكار الفقد الوظيفي والتسريح من العمل والفصل.

دائما ما يريح النفس ويحولها من حالة الهلع والاضطراب إلى وضع الطمأنينة والسكون هو الوثوق المطلق بأن الأمر كله بيد الرازق جل وعلا من حيث كفالة الرزق، فلا تدري نفس ماذا تكسب غدا، فالمطلوب هو السعي والتخطيط المنضبط والثقة بالنفس بما يملكه الشخص الموظف من خبرة ومعرفة وثقافة تعينه في الاستمرار والبقاء في عمله أو أي عمل آخر يجد فيه ذاته.

الخوف كالبالون يتضخم ويكبر، ولكن سرعان ما يطير أو ينكمش إذا ابتعد عن مصدر الهواء كذلك هي الفوبيا تتعاظم وتكبر جراء أفكارنا السلبية وإذا ما ابتعدنا عن مصدرها تنكمش وتطير.

@Yos123Omar