محمد الأحمدي

خطط لتصل إلى منصة التتويج

الثلاثاء - 05 يناير 2021

Tue - 05 Jan 2021

حقيقة عندما فكرت في هذه القاعدة من قواعد الباحث الأكاديمي، وجدتها تتضمن عدة قواعد في طياتها. فالتخطيط يتضمن وضوح الهدف، وترتيب الأولويات، ومعرفة طريق واستراتيجية الوصول، وتبني أدوات الإنتاج أو التسويق للمنتج، وتحديد الزمن لإنجاز أهداف التخطيط، والالتزام والاستمرارية وغيرها من القواعد. هذه القاعدة أتت مصادفة مع بداية السنة الميلادية، مما يجعلها إن شاء الله تخدم الباحثين في التخطيط لمستقبلهم الأكاديمي، الاعتماد على الأهداف لتحقيق ما نود تحقيقه في المستقبل أسهل تعريف للتخطيط الذي من سماته أن له آثارا بعيدة المدى، ويشترط لتحقيقه الحاجة إلى تبني استراتيجية.

يتوارد إلى الذهن سريعا علاقة التخطيط بالنجاح الذي هو عبارة عن تحقيق الأهداف، ووضوح التطلعات التي يرغب الفرد تحقيقها ومن ثم العمل على الوصول لها. وربما يقابله الفشل الذي أعتقد بأنه عدم تحقيق الأهداف المخطط لها مسبقا والوصول إلى النتائج المرجوة بكفاءة.

ومن خلال مفهوم التخطيط فإن الفرد مجبول على التخطيط والتفكير فيما يود تحقيقه، فالإنسان الذي يتوجه إلى استراحة ليجتمع مع أصدقائه يخطط لأن يستمتع بتحقيق ذلك الهدف، لكن ليس هدفي اليوم في هذا المقال التحدث عن التخطيط الفطري أو الترفيهي، وإنما التخطيط المدروس الذي يخدم الباحث ليحقق أهداف أكاديمية في رحلته العلمية.

التخطيط في المجال الأكاديمي يمنح الباحث الثقة بالنفس، والشجاعة في مشاركة النمو المهني أثناء المسيرة الأكاديمية، والنظر

للمستقبل بتفاؤل، والأهم من ذاك الانشغال بصناعة رؤية واضحة للذات، لتصل إلى مبتغاها الصحيح في المجال الأكاديمي، مما يجعل هذه المهارة مهارة حياتية دائمة في رحلة الباحث اليومية. ويمنح التخطيط المبكر في المرحلة الأكاديمية الباحث تطوير المهارات الأكاديمية، وتعلم طرح الأسئلة، وحسن التنظيم، والمتابعة والاستمرار في رحلة الإنتاج، والتغيير من الواقع المعاش إلى التطلعات المنشودة، فالتركيز على الأسئلة الصحفية الخمسة (كيف، ماذا، أين، لماذا، متى) حول أي مهمة يومية يحقق لك قمة التخطيط اليومي. فكيف تنفذ المهمة؟ وماذا تحتاج لتنفيذها؟ أين تنفيذها أو نشرها أو تقديمها للجمهور؟ لماذا العمل عليها؟ لماذا تناولها بهذه الطريقة دون غيرها؟ لماذا في هذه الفترة؟ متى تنفيذها؟ متى الانتهاء منها؟ متى أشاركها مع من يستفيد منها؟ متى

أشاركها مع المشرف الدراسي؟ إن تحققت هذه الأسئلة فهي جوهر مهمة التخطيط للباحث في مهمته الأكاديمية.

تعيدنا قاعدة: التخطيط إلى قاعدة ابدأ من حيث أنت وستتطور مع التدريب، وقبلها قاعدة: تجاوز عتبة الإحباط واقفز على حاجز اليأس التي نشرتها سابقا في هذه الزاوية، التخطيط سيخبرك بنقاط قوتك فتستثمرها، ويكشف لك عن نقاط ضعفك فتعمل على تطويرها.

عندما أتحدث معكم عن التخطيط، أيا كان مستواه، لا أعني أن تكون كعقارب الساعة حينما تنتقل من ثانية إلى أخرى لتصل إلى تحقيق هدف الساعة. وإنما أن تتبنى أهدافا وتسعى لإنجازها في فترة زمنية محددة، وتعطيها جلَّ اهتمامك في تلك الفترة، من ثم سيتحقق المراد بذلك، فالهدف الذي يشغل تفكيرك في معظم الوقت، وتُسخر الجوارح لخدمته سيسهل الوصول إليه.

الهدف الذي يحققه التخطيط لك أيها الباحث أن يقلل الخوف من الفشل، ويجلي عنك الشك في قدراتك، ويخفف وطأة اللوم الذاتي المستمر. حتى يبلغ التخطيط مبتغاه في خدمتك ببساطة أن ينتهي يومك وقد تقدمت خطوة للوصول إلى منصة التتويج في نهاية مدة تنفيذ التخطيط، فالهدف الذي أرغب بإيصاله لكم أن غاية التخطيط هي ردم الفجوة بين الواقع الحالي والحلم المستقبلي الذي

تأمل تحقيقه.

لا تنسى أيها القارئ أنك قد تخطط جيدا على الورق، لكن دون الاقتناع بالتنفيذ والالتزام به، وهذا يُفشل كل شيء في رحلة تحقيق الهدف.

التخطيط لمراحل الدكتوراه المتعددة على سبيل المثال أن تفهم وتناقش مع المشرف الأكاديمي أهداف كل مرحلة تعليمية قبل دخولها حيز التنفيذ، فإن كانت سنوية وجب أن تناقش معه فهم متطلبات السنة الأكاديمية في بدايتها، حتى تتخذ القرارات التي تحقق تلك المتطلبات بطريقة صحيحة وتمنحها الزمن الكافي لتحقيقها.

القاعدة: خطط بنفسك مع المشرف دون مبالغة في التخطيط، وتذكر أن المشرف الأكاديمي لن يخطط لك.