برجس حمود البرجس

استراتيجيات البيئة والغذاء والمياه

الثلاثاء - 29 ديسمبر 2020

Tue - 29 Dec 2020

ربما أول قطفة لاستراتيجية توفير الأمن الغذائي، التي شعرنا بها جميعا، هي عدم انقطاع أي من الأغذية خلال جائحة كورونا، رغم إغلاق الدول للحدود والإقفال الكامل للأسواق محليا وخارجيا، أتذكر حينها - في أشهر أبريل ومايو ويونية الماضية- كنا نساهم في نشر تصوير يومي لمقاطع تنشر عن توفر الغذاء داخل محلات التموينات الكبيرة لنطمئن بها المتابعين.

في لقاء قبل أيام في «بودكاست مُتمّم» مع نائب وزير البيئة والمياه والزراعة المهندس منصور المشيطي، استعرض بداية رحلة رسم الاستراتيجيات للوزارة، التي تضمنت المحافظة على البيئة واستدامة الموارد الطبيعية وتحقيق الأمن الغذائي والمائي وتكامل تلك الاستراتيجيات وشموليتها، ووضع والمبادرات اللازمة لتحقيق الأهداف المصاحبة لتلك الاستراتيجيات، وأنصح المهتمين بالاستماع إلى البودكاست لتفاصيل كثيرة ومفيدة.

وزارة البيئة والمياه والزراعة وضعت استراتيجية للأمن الغذائي، اعتمدت من مجلس الوزراء، واستراتيجية للزراعة واستراتيجية للمياه واستراتيجية للبيئة وجميعها اعتمدت من مجلس الوزراء. عُملت هذه الاستراتيجيات لتكون المنهج الرئيس لتحديد الأهداف والمبادرات التي ستحقق تلك الأهداف.

ولتنفيذ هذه الاستراتيجيات كانت هناك تغييرات هيكلية وإطار مؤسسي يواكب التحولات الجديدة، ومن ضمنها نقل خدمات قطاع المياه التي كانت تقدمها الوزارة إلى شركة المياه الوطنية، وكذلك للقطاع الزراعي أيضا أُسست شركة الخدمات الزراعية للغرض نفسه، وأُسست خمسة مراكز للبيئ، ومركز للالتزام البيئي، ومركز لتنمية الغطاء النباتي، ومركز للنفايات، وصندوق للبيئة مُمكّن لتكون جميعها ضمن الهيكلة الجديدة لتقديم الخدمات المعنية بكفاءة عالية واستمرارية وقابلية التوسع.

من أهم المرتكزات التي عملت عليها الوزارة تحقيق الاستدامة خلال المحافظة على الموارد الطبيعية والمساهمة في الأمن الغذائي وتحقيق الأمن المائي والمحافظة على البيئة.

في تحقيق استدامة المياه - وهو هاجس لجميع الدول - عملت الوزارة على تنظيم زراعة بعض المحاصيل، مثل زراعة الأعلاف، حيث وفرت الوزارة عشرة مليارات متر مكعب من المياه يوميا، وهذا يعادل استهلاك سكان المملكة لثلاثة أيام، أي إن الوزارة وفرت في السنة بحجم ما يستهلكه سكان المملكة لثلاث سنوات، تضمن ذلك السماح للقطاع الخاص باستيراد آلات متخصصة من الخارج، بالإضافة إلى توفير كبير في المياه وترشيد الاستهلاك.

على مستوى البيئة، عملت الوزارة على التأثير لتشجير وتنمية الغطاء النباتي، ولكن باستخدام المياه المعالجة وباستخدام النباتات المحلية غير المستهلكة للمياه، ونجحت الوزارة في رسم سياسة وضعت الاستدامة من أهم مستهدفاتها في هذه الجوانب.

ارتكزت أعمال التحول للوزارة على ثلاث ركائز أساسية: أولا الاستدامة، وثانيا البناء على الممكنات القوية لدى المملكة في قطاع البيئة والأمن الزراعي أو ما يطلق عليه التركيبة المحصولية اعتمادا على المناخ والأمطار والمياه الجوفية في المناطق المعنية. أما المرتكز الثالث فهو التشاركية مع القطاعات الحكومية الأخرى والقطاع الخاص والجمعيات التعاونية والأهلية.

الوزارة وضعت حلولا للتحديات التي تساهم في توفير المياه بشكل مناسب مع المحافظة على الموارد الطبيعية والمالية، فالترشيد في الاستهلاك كان من أولى اهتماماتها لخفض تكاليفه على المستهلك النهائي، وإلا ستكون التكلفة مرتفعة مستقبلا، مع تزايد الاستهلاك بسبب ارتفاع التكاليف الرأسمالية والتشغيلية، إضافة إلى ذلك، اعتمدت الوزارة برامج توسعة وتطوير تقنيات التوليد والتخزين والنقل والتوزيع للمياه، وهذا سيعزز من القدرة والمزايا التنافسية التي ترفع من كفاءة القطاع.

المملكة وصلت إلى الاكتفاء الذاتي في الألبان والبيض، ووصلت إلى 65% في الاكتفاء الذاتي في الخضار، بينما قفزت من 40% في توفير الدواجن محليا إلى 65% متجاوزة المستهدف في عام 2020، الذي كان يستهدف 60%. لم يكن لهذه الإنجازات أن تتحقق دون برامج التطوير الشاملة التي شملت الدعم المالي للدواجن والأسماك وصغار مربي الأغنام وبقية القطاع، التي كلفت الدولة مليار ريال سنويا ومليارا ونصف المليار على مدار سبع سنوات.

الجميع يشهد للتطور في الجانب البيئي والاهتمام غير المسبوق من قبل الوزارة، بالطرقات وأماكن التنزه والصحراء والنظافة والهواء وحماية الحياة الفطرية من حيوانات ونباتات، حيث وضعت السياسات والأنظمة والتشريعات التي تولد منها التراخيص والغرامات للمخالفات والتنظيمات المصاحبة وغيرها، بما يصب في هدف المحافظة على البيئة والطبيعة، والجميع يشكرون هذه المبادرات.