عبدالحليم البراك

مذاهب الناس في النصر!

الاثنين - 28 ديسمبر 2020

Mon - 28 Dec 2020

في البدء، كان ولا يزال نادي النصر يملك الإمكانات الكبيرة التي تؤهله لأن يتصدر الدوري بلا منازع، لكن ثمة شيء ما حدث لا أحد يعرف ما هو، جعل من الفريق يقبع في مؤخرة الدوري في بداية الدوري، فالإدارة رائعة، واللاعبون على مستوى عال، والصفقات المحلية بالجملة، والصفقات الأجنبية من أفضل الكفاءات، بل إن النصر على مستوى الكماليات في إبداع آخر كالملعب العالمي الذي حصل عليه العالمي، وكذلك متجر النصر المتميز، لكن لا يزال سبب هبوط المستوى مجهولا، بل إن أحد الإعلاميين عندما أعجزه السبب لجأ لكلمة (سحر أو عين ) فصارت (ترند) في سوق التغريدات القصيرة (تويتر)، ومهما يكن من أمر، وبعيدا عن السحر الذي قال به الإعلامي، يبقى السؤال: عندما نجهل سبب حدوث شيء ما، ما هو موقف الناس من هذا الجهل؟ وإليكم احتمالات الناس، وجد نفسك بينها:

- بعضهم - كالإعلامي المشار إليه - يلجأ لكلمات تحل المشكلة ككلمة السحر، وأضف إليها العين والجن، ولأن السحر والجن والعين ليس للإنسان حيلة في أن يبحث في أسبابها وطرق علاجها، فإنه يبدو للبعض حلا للمشاكل التي ليس لها حل، فالطفل إن رسب فهو سحر لأن والده أحضر له مدرسا طوال العام، وإن فشل التاجر في تجارته فهي عين لأنه صرف مبلغا كبيرا ووفر كل شيء لمشروعه إلا أنه فشل، والأم إن لم تتزوج ابنتها الجميلة لجأت للعين فهي تفسير لما لا تفسير له.

- آخرون يلجؤون إلى قوة الله سبحانه وتعالى، ولا شك بأن قوه الله موجودة وحاضرة في حال تم الشيء أم لم يتم، فكيف يشار إليه في الفشل ويغفل عنه في النجاح؟ والحقيقة أن قوة الله تظهر في العقل الباطن لبعضهم حتى يلقي عن نفسه مسؤولية البحث عن الأسباب، (فكفى بالله سببا) فهو لجأ لعظيم وعند العظيم يتوقف البحث عن الأسباب!

- آخرون يلجؤون للتجاهل، لأن الإنسان أكبر كائن بالعالم متجاهل لما لا يريد الخوض فيه أو ما لا يعجبه أو ما لا يروق له أو ما يؤذيه، فلديه القدرة على التجاهل لحد الإلغاء للأشياء التي يعجز عنها، فهو يعيد ترتيب الأشياء متجاهلا الفشل والبحث في أسبابه، فيلجأ للهدم وإعادة البناء من جديد لأن التفكير يرهقه، أو أن يترك هذا القلق الذي أصابه ويعتبره لا شيء، وهذا واضح جدا لدى الأطفال لمن تتبع سلوكهم، فهم يتجاهلون ما لا يريدون مثل التوجيهات الأبوية، والرجل البالغ كذلك يتجاهل ما يجهل أسبابه!

- أخيرا، المؤمن بالسبب والعلة، المؤمن بمحدودية الإنسان في فكره وتجربته وعقله؛ يؤمن بجهله للسبب أولا، ويؤمن بالأسباب، ثم يحث العقل والتجربة، بقوى الإيمان في داخله، للبحث المستمر عن السبب الذي أحدث هذه النتيجة، وهو يؤمن أن جهله فيها لا ينفيها، ولا يدفعه لرميها لأسباب موهمة، فلا يكل ولا يمل حتى يجد الجواب، أو على الأقل يضع الخطوة الأولى للأجيال من بعده في الطريق الصحيح لحل الإشكالية.

بقي أن نقول إن فشل أي شيء لا يعود لعامل واحد، بل يعود لعوامل متعددة، ما يجعل الإنسان يفشل في اكتشاف تأثير أحدها لأن الإنسان كائن متغيراته لا تحصى، متغيراته الإنسان (المزاج، الحب، الكره، الجنون، المرض العضوي، المرض النفسي، الإرهاق، التعب، تأثير اللغة، تأثير الناس، تأثير الطقس على مزاج الإنسان، تأثير البيئة الفيزيقية على الإنسان، تأثير العائلة والقبيلة والعصبية على الإنسان، التوقعات، الظن، الهرمونات، التأثيرات الجسدية على السلوك، التأثيرات الخارجية على السلوك، تأثير الإعلام على العقل وغيرها)، والأمر يطول جدا لو أردنا تتبع متغيرات الإنسان، لوجدنا أنها لا تنتهي.

Halemalbaarrak@