عبدالله قاسم العنزي

المسؤولية القانونية للقنوات الفضائية في نشر التعصب القبلي

الاحد - 20 ديسمبر 2020

Sun - 20 Dec 2020

الأصل أن الإنسان مسؤول جنائيا، والأخذ بالمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي أمر يتفاوت من دولة إلى أخرى، ومن تشريع إلى آخر، والقنوات الفضائية باعتبارها شخصا معنويا ظهرت إلى الوجود في نهايات القرن الماضي، من خلال بث البرامج التلفزيونية إلى المشاهدين عبر الأقمار الصناعية، ومنها ما هو مؤسسة عامة تابعة للقطاع العام، ومنها ما هو شركة تجارية، وتعد القنوات الفضائية من أهم الوسائل الإعلامية الحديثة في نشر الفكر الإنساني بتبادل الأفكار وعرض الآراء المختلفة والمتباينة، وتعد أداة لنشر الثقافات الشعوب فيما بينهم، ووسيلة دعاية في مختلف المجالات. وتصنف هذه القنوات إلى قنوات رياضية وإخبارية وعامة وشعبية، ويذكر أن القنوات الشعبية في هذه الأيام أصبحت محط أنظار كثير من المهتمين بالموروث، ولا سيما في ظل تنافس مزاين الإبل في مهرجان الملك عبدالعزيز.

ولعل المتابع لفعاليات مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل يرى مفارقة واضحة في بعض مظاهره، حيث إن المؤسس - رحمة الله - جمع شتات هذه القبائل تحت لواء الوطن، أما ما يحدثه الإعلام القبلي المتمثل في ممارسة الشيلات أو الأشعار والقصائد أو المسيرات، وما تساهم بنشره أيضا بعض القنوات الفضائية، يعد مضادا ومناقضا لما سعى إليه مؤسس هذه الدولة!

ولعل القارئ يتساءل عن ماهية المسؤولية القانونية عن هذه القنوات، نقول بأن القناة الفضائية مسؤولة عن كل ما يبث من برامج خلالها، إذا كانت تلك البرامج مسجلة وتدعوا إلى ما من شأنه إثارة النعرات والفرقة والكراهية بين المواطنين، والتحريض على العنف، وتهديد السلم المجتمعي، وهذا ما جرمته المادة الـ5 من نظام الإعلام المرئي والمسموع الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/33) في 1439/3/25هـ، كما أنها ليست مسؤولة إذا كانت البرامج مباشرة، ولا سيما مثل نقل المشاهد المباشرة المهرجانات والفعاليات الموسمية.

ولقد أبرزت بعض القنوات الفضائية الشعبية عديدا من الظواهر السلبية في المجتمع، منها إثارة النعرات القبلية ونشر التعصب بين أطياف المجتمع باسم القبيلة، وأصبحت في بعض الأحيان وسيلة تحرض على ارتكاب القدح والذم للآخرين، ولو بطريقة غير مباشرة وصريحة، ونحن نطالب وزارة الإعلام بالتدخل لضبط بث هذه القنوات للتواؤم مع ما يجب أن يتجه إليه المجتمع المدني مع المحافظة على الموروث الشعبي.

كما يجب أن ندرك أن العصبية القبلية إذا فشت في أي مجتمع فإنها تدمر تماسكه، وتحدث شقوقا في نسيجه الوطني، فالعصبية القبلية السلبية مرفوضة وممقوتة، بدليل الأحاديث النبوية والآيات التي تحرم تلك العصبية الجاهلية والانتماء إلى النسب والعرق لغرض دنيوي، وما تحدثه القنوات الفضائية هذه الأيام أمر غير مقبول، مما نشاهده في بث شعور تمسك المواطن في الهوية القبيلة وتعصبه إلى (إبل) ابن القبيلة!

نحن ندرك أن رابطة النسب والعرق أمر فطري في الإنسان، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال أن نلغي هذه الرابطة، لأنها التكوين الأساسي للمجتمعات العربية، خاصة المجتمع السعودي، لكن نحن ضد تصاعد العصبية القبلية السلبية التي ربما تهدد السلم المجتمعي وتثير النعرات الجاهلية.

expert_55@