أحمد محمد الألمعي

هل ستكون تقنيات الذكاء الاصطناعي مستقبل العلاج النفسي؟

الأربعاء - 02 ديسمبر 2020

Wed - 02 Dec 2020

تخطو المملكة خطوات ‏عملاقة في مسار ‏التقنيات الحديثة الرقمية وتقنيات الذكاء الاصطناعي ضمن رؤية 2030، ودخلت هذه التقنيات في جميع المجالات، بما في ذلك مجال الطب وفي عدة تخصصات، وهناك الروبوتات التي تستعمل في كثير من العمليات الجراحية المعقدة والدقيقة.

أصبحت هذه التقنيات الحديثة جزءا من مجال العلاج النفسي خلال السنوات العشرين الماضية، بدءا باستعمال برامج الكمبيوتر والألعاب في تشخيص وعلاج اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لدى الأطفال، وكان آخرها لعبة انديفور آر إكس، التي رخصت من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية في الشهور القليلة الماضية، والتي من المتوقع أن تغزو الأسواق السنة المقبلة. وقد تغير الانطباع السائد لسنوات طويلة عن أن هذه الألعاب والتقنيات مسببات لأضرار في الدماغ وإدمان، عندما برزت التطبيقات الحديثة في علاج الأمراض النفسية.

ومع تقدم برامج الكمبيوتر، برزت تقنيات الواقع الافتراضي التي ‏تطورت بشكل كبير خلال العقدين الماضيين، وأثبت كثير من الأبحاث العلمية فاعليتها في تشخيص وعلاج كثير من أمراض ‏القلق، مثل: الرهاب واضطراب ما بعد الصدمة النفسية. فعلى سبيل المثال تضم إصدارات شركة ليمبيكس الأمريكية برامج واقع افتراضي لعلاج إدمان الكحول والرهاب وأعراض اكتئاب المراهقين، وتقدم شركة سيوس برنامج كومبيوتر لعلاج اضطرابات الأكل، وهناك تطبيقات للعلاج السلوكي المعرفي تستخدم في علاج القلق بأنواعه.

وتركز ‏تقنيات برامج الواقع الافتراضي على العلاج من خلال التعرض للمواقف، ومسببات الخوف والقلق، في بيئة ‏مقننة ‏بالتدرج لمن يعانون من هذه الاضطرابات، ضمن فترة زمنية محددة تساعدهم على التخلص من هذه الأعراض، ‏في بيئة افتراضية آمنة. ففي أحد برامج العلاج ‏يتعرض الشخص المصاب برهاب الأماكن المرتفعة إلى مناظر تشابه الواقع، ذات أبعاد ثلاثية بتدرج، وهدف ذلك هو وضع المريض في مبان مرتفعة في الواقع الافتراضي، مع تكرار المواقف وزيادة في الارتفاع تدريجيا، حتى التعود عليها، وصولا إلى التعرض إلى هذه البيئة من دون حصول أعراض الخوف والقلق.

ومن المتوقع مستقبلا توفر مواقع للحصول على مساعدة لمواجهة القلق والاكتئاب وغيرها من الاضطرابات الشائعة، بالاستعانة باختصاصي هو في الحقيقة عبارة عن «ذكاء اصطناعي»، كما ستكون قادرا على تنزيل تطبيق علاجي ShrinkMe، تحمله في حقيبتك مثل: Alexa أو Siri أو Google لهذا الغرض، فهذه التطبيقات موجودة. تسجل هذه البرامج والتطبيقات كثيرا من الملاحظات عن أعراضك وسلوكياتك، مما سيفيد في التشخيص والعلاج.

ويمكن أن توفر الروبوتات والتطبيقات مدربا للحياة أو ممارسا للعلاج السلوكي المعرفي، يمكنك الاستعانة به في مختلف المواقف، وكذلك فإن الروبوت النفسي العصبي يمكن أن يوفر المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة، ومرضى النمو والسكتة الدماغية، الذين يتعافون من أنواع أخرى من إصابات الدماغ، لاستعادة المهارات المعرفية من خلال المشاركة اللفظية ولعب الألعاب على مدار الساعة لمدة سبعة أيام وبلا توقف.

وتختلف فاعلية هذه التقنيات باختلاف الشركات المنتجة وتطور البرامج الرقمية المستخدمة، وهناك أهمية لاختيار الأشخاص بعناية، بحيث تكون هذه التقنيات مناسبة لهم حسب تكوينهم الشخصي وقدراتهم، وهذا يزيد من نسبة نجاح العلاج، ويجري في هذا المجال إدماج الصوت والشم وحواس أخرى بالإضافة إلى النظر، ضمن تقنيات مستقبلية هدفها تحسين فاعلية هذه البرامج العلاجية، وقياس فاعلية طرق العلاج باستخدام مقاييس نفسية تطبق قبل وبعد إكمال مراحل العلاج وتقييم النتائج.

وعلى الرغم من كل هذا التطور في هذه التقنيات، ليس من المتوقع الاستغناء عن العنصر البشري في العلاج، ولكن كل هذه البرامج والتطبيقات عوامل مساعدة ومفيدة تحت إشراف المعالج النفسي، وأحيانا يمكن استخدامها بصفة مستقلة.

almaiahmad@