طلال لبان

الوزارة أقرت.. لم يعد للجامعات علة

الخميس - 15 أكتوبر 2020

Thu - 15 Oct 2020

كم عاشت الأغنية السعودية في خضم الأحداث، ناقلة أحاسيس الشجن في كل الظروف، مصورة لحظات التاريخ بحلوه ومره. فمن منا ينسى غزو الكويت حينما كان أوبريت وقفة حق صورة طبق الأصل من أفعال المملكة العربية السعودية، وأوبريت مولد أمة وعرائس المملكة، وغيرها من الأوبريتات التي امتزج فيها فن العروض المسرحية مع اللوحات الغنائية، التي تعد نماذج فنية بحاجة إلى رسائل من الدراسات العليا لتحليلها وتوثيق مضامينها.

اليوم الحلم يتحقق بعد أن صدر التصنيف السعودي الموحد للمستويات والتخصصات التعليمية الذي يربط «التخصصات بالفرص الوظيفية»، وفتح مسارات لعلوم الموسيقى والسينما والمسرح، وبعد أن أقرته وزارة التعليم، لم يبق للجامعات سوى الاندماج بشكل فعلي مع هذه المسارات الثلاثة وغيرها من المسارات الأخرى، حيث أتى ذلك بفوائد عدة أهمها توحيد مسارات التعليم والمسميات في جامعات المملكة.

عادت بي الذاكرة إلى الأسماء التي شرفت المملكة عربيا وعالميا في مجال الدراسات العليا بالموسيقى، التي لم يكن لها وجود في تعليمنا العالي، فعلى سبيل المثال كان للموسيقي الراحل الدكتور عدنان خوج تجربة بحثية فريدة في رسالة الدكتوراه التي قدمها في جامعة السوربون بفرنسا، وكانت عن الفن السعودي في صوت طلال مداح، مما أبهر الفرنسيين في ذلك الوقت بالفن السعودي والموروث المحلي وبالصوت النابع من قلب الجزيرة العربية، حيث قال بأن التحضير لمناقشة الرسالة من قبل الأكاديميين الفرنسيين بالجامعة استغرق نحو ثمانية أعوام لجمع النوت الموسيقية والأرشيف الخاص بالفنان طلال مداح من إذاعات عالمية في لندن وغيرها من القنوات الخاصة بذلك، وأنهم ناقشوا الدكتور عدنان مناقشة تفصيلية عن الفن السعودي، حتى إنهم لاحظوا لثغة حرف الراء في صوت طلال مداح، وكيف أنها لم تخرج عن السلم الموسيقي.

وفي هذا الجانب كثير ممن شرفوا المملكة دراسيا في الأكاديميات العربية والعالمية، أمثال: العميد طارق عبدالحكيم رحمه الله والموسيقار غازي علي حيث أتاحت الدراسة للفنان طارق عبدالحكيم تأسيس معهد للموسيقى العسكرية، وأفاد الموسيقار غازي علي بأن يكون أستاذا للموسيقى الشرقية والغربية في معهده المصغر بمنزله بجدة، وجاءت أيضا المحاولات الخجولة من جمعيات الثقافة والفنون. لكن الآن ومع وضع التصنيف الحديث للتعليم سيكون للموسيقى السعودية جانب آخر في الدراسات والأبحاث العلمية والتعليم الأكاديمي لها.

أما على صعيد السينما فالمخرجون السعوديون تضرب أعمالهم مشارق الأرض ومغاربها بالمشاركة في مهرجانات العالم الدولية، فقد شاركت في 2018م تسعة أفلام سعودية في مهرجان كان دفعة واحدة، وفي مهرجان البندقية عام 2019 وفي مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في أعوام عدة، وغيرها من المهرجانات المعتمدة دوليا، فالمواهب السعودية مليئة في هذا المجال والفرص الوظيفية لهم عديدة وكثيرة.

آن للجامعات الإسراع بدراسة هذه المواد التخصصية لإكساب الموهوب السعودي فرص العمل العديدة في هذه المجالات، بفتح الدبلومات والبرامج الأكاديمية، وتأسيس مراكز ومعاهد للدراسات الموسيقية والمسرحية والسينمائية.

أخيرا، السباق الجامعي قد بدأ، لتعزيز الحراك الثقافي ومواكبة ما حملته رؤية المملكة 2030 من مضامين ومبادرات عدة، لتكون الموسيقى والمسرح والسينما أيضا وسائل تدعم الجامعات اقتصاديا في ظل التحول والخصخصة، كما تساهم في تحقيق الرؤى والمضامين الناجحة بشكل موحد بين الجامعات في دراسة التراث الفني السعودي في كل منطقة، وإنشاء مكتبات بحثية.

كل ما سبق سيسهم في تعليم شباب الوطن تراث الموسيقى الوطنية والعسكرية والنهوض بسينما سعودية تغرس معاني الوطنية في المجتمع وتعالج المشكلات المجتمعية وتساهم في إعطاء صورة مشرقة على المعالم التاريخية والأثرية بصورة سينمائية حديثة، والقيام بأعمال مسرحية تشهد على تاريخ أرض المملكة العربية السعودية، فهذه الفنون أساس الحراك الثقافي وداعم للاقتصاد ومفعل للسياحة، وتبرز صورة العدل والاعتدال والسماحة الدينية الحقيقية في المملكة، لتكون صورة ذهنية عن الازدهار الحضاري في وطننا الغالي.

@talallabban