عبدالحليم البراك

ما اكتشفه العرب ولم يعرفه الألمان!

الاثنين - 05 أكتوبر 2020

Mon - 05 Oct 2020

العنوان الحقيقي لهذه المقالة هو «ما اكتشفه العلماء العرب، ولم يستطع اكتشافه علماء ألمانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان.. وغيرهم»، ولكن بسبب طول العنوان وسيل الدول التي لم تعرف ما عرفه العلماء العرب آثرت أن أختصره إلى العنوان أعلاه، ومهما يكن من أمر فإن هذا حوار حقيقي حول فائدة ترجمة العلوم إلى اللغة الوطنية.

قال أحدهم: اللغة الإنجليزية هي لغة العلم، لذلك يجب أن يتعلم الناس اللغة الإنجليزية. رد عليه المخالف: لكن هناك دول متقدمة علميا ومع هذا تدرس العلوم بلغتها القومية، وهي تنافس في منتجاتها المادية والفكرية المنتجات الفكرية الأمريكية.

- هل تنكر سيادة اللغة الإنجليزية على العلم؟

- لا أنكر ذلك، لكن يبدو العلم أكثر صعوبة على الناس بلغة أجنبية، ثم خذ سببا آخر، عندما تقرأ كتابا باللغة الأم فإنك تفهمه كاملا، بل تفهم ما بين السطور وقصد الكاتب وما هرب منه الكاتب لغويا، بل ما لمح إليه ولم يقله، لأنك تفهم اللغة كمكوّن ثقافي، وستبقى اللغة الإنجليزية العلمية الدقيقة نخبوية لا يجيدها أي إنسان.

- على الناس أن يجيدوا اللغة الإنجليزية حتى يقتربوا من العلم.

- تقوم الترجمة باللازم، ولأننا عظّمنا اللغة الأجنبية تخاذلنا في الترجمة، بل ادعى موقع في الانترنت أن إسبانيا تترجم سنويا ما ترجمه العرب من عهد المأمون إلى اليوم! لاحظت الفرق؟!

- الترجمة مكلفة!

- الجهل مكلف أكثر. بل زد على ذلك أنه صارت مهارة إجادة اللغة الإنجليزية الآن أهم من المهارات الإدارية والفنية، بغض النظر عن المحتوى وفكر المتحدث، وسأقول لك قصة طريفة: تقدم موظف إلى شركة كبرى للعمل فيها، وعرضوا عليه مبلغا كبيرا يصل إلى 70 ألف ريال قابلة للزيادة، لكن عندما عرفوا أنه لا يتحدث الإنجليزية خفضوا المبلغ إلى نصفه، بسبب عدم إجادة اللغة الأجنبية، هذا الموظف الذكي عرض حلا فريدا، قال: أقبل بالمبلغ المعروض العالي وسوف أوظف مترجمين اثنين على حسابي الخاص، وبهذا نتجاوز مسألة اللغة وتقبلون بمهاراتي! وهنا هزم الذكاء وسرعة البديهة شرط اللغة.

- هذا ليس حلا..

- ما الحل؟

- أن يكون العلم من مصدره!

- دعني أسأل سؤالا: لماذا لم يتمكن اليابانيون والألمان والفرنسيون من هذا الرأي وتوصل له عربي!؟ لماذا وصلنا له ولم يتوصلوا إليه؟! ليست هزيمة نفسية، لكن العبرة بالنتائج، نتائج تلك الدول التي تدرس بلغتها مبهرة ونتائج الدول التي تدرس باللغة الإنجليزية غير ذلك!

- نريد أن نسابق الزمن للحاق بالعلم!

- يسابق الزمن ثلة قليلة تجيد اللغة، ويبقى الآخرون في جهل بسبب تعثر الترجمة؟ لو كانت الترجمة خيارا لازدهر العلم، وازدهرت الترجمة ووصل العلم للناس كافة؟

- لكن النظريات الجديدة حتى نصل إليها نحتاج وقتا، لن ننتظر حتى تترجم، الترجمة بطيئة جدا.

- لكن الهوة تتسع كلما تخلفت الترجمة. كم يترجم للعربية من كتاب علمي أكاديمي في العام؟

عموما الجدل في هذا الباب لا ينتهي، وسيبقى القرار في الجامعة والمدرسة لدى قادة الرأي. الترجمة حل، وكلما تخلفت الترجمة تخلفنا والتاريخ يشهد.

يقول الدكتور رشدي راشد، وهو فيلسوف رياضي عربي يعيش في فرنسا، حاز جائزة الملك فيصل ووسام جوقة الشرف من رتبة فارس والميدالية البرونزية للمركز الوطني للبحث العلمي «جميع الدول تدرس العلوم بلغتها الوطنية، فرنسا وألمانيا واليابان».

Halemalbaarrak@