محمد أحمد بابا

ما عاد تفرق معي

الاثنين - 28 سبتمبر 2020

Mon - 28 Sep 2020

وجدت مدار العلوم والثقافات والعقول وربما الأديان حول: (أن تعرف الفرْق)، فكل أمر نحن فيه أو كنا فيه أو نتطلع لنكون فيه يحتاج منا أن نعرف الفرق.

كل علم في دقائق تفاصيله يهتم أن يكون هناك شيء وشيء، وهو بينهما يسوقك لتعرف الفرق، حتى تتمكن من مواصلة الاكتشاف.

أي ثقافة من هنا أو هناك من فنون أو اصطلاحات أو مكوّن معين تجبرك أن تواصل سبر أغوارها لترى الفرق بين حالة وحالة أو بين شكل وآخر، متيحة لك كثيرا من خيارات التأطير أو اختيارات المواءمة.

فلسفة الأديان وحاجة النفس لها لا يدعو لها دعاتها والروحانيون فيها إلا باستراتيجية تجعلك بين وضع ووضع أو هذا وذاك تنظر للفرق، وتقدر مساحة الهوة، ثم أنت مقتنع أو رافض أو متسامح هين لكنك تفهم الفرق.

في غنانا وفقرنا واقتصادنا وأنظمته والعولمة والحرية المالية والتجارة محور كبير لا يسعك فهمه أو الإفادة منه ما لم تركز على الفرق، ليكون السوق لك أو لك منه حظ الفروقات.

في النفسيات والعاطفة والمشاعر وتنقلات القلوب والنفوس بين مراتبها ودرجاتها والتعاطي معها منحى كبير نحو تحديد الفرق، فنحن ساعة سعادة نعرف فرقا بينها ولحظات ألم.

حتى مراحل الإنسان العمرية ونظرته هو لها ونظرة غيره له في زمن دون زمن وتغيراته في جسده وروحه وعقله مردّه تعرّفه على الفرق، لما يحاول أمرا لم يعد يستطيعه.

في التجارب والبحت من العلوم وماديات البراهين والأدلة والإثباتات يقضي كل المهتمون بهذا الجانب وقتهم في أمر عظيم هو ملاحظة الفرق.

في الدعاية والإعلان للمنتوجات يستهدفون إقناعك بالفرق.

بين الشعوب والحكومات حيص بيص ودوشة كبيرة سببها الفرق.

لكل ذلك لا عجب أن تكون (الفروق) مادة فكر ربما لو ركز عليها ناشطون ومفكرون ومثقفون وغيرهم لوقفوا على الفرق.

لعلي هنا أقول إنه يكذب من يقول: «ما عاد تفرق معي».. لأنها حالة نفسية فقط للإحباط استسلاما لمنغصات الفروق. لكن من لا يعرف الفرق ربما هو أقرب للخطأ في كل شيء ممن عرف الفرق.

لذلك عن ثقة يقول بعضهم «جرب غيري تعرف خيري» في تأكد جازم بأن معرفة الفرق كفيلة بالتأديب.

كل أساليب الإقناع تستخدم (معرفة الفرق) لتحظى بالاتّباع، لذلك أنا أدون هنا مجرد ملاحظات خطرت على بالي لعلي أعرف الفرق.

albabamohamad@