أفنان محمد حياة حياة

الفلسفة وهاجس الدين

الثلاثاء - 18 ديسمبر 2018

Tue - 18 Dec 2018

بعد قرار وزير التعليم تدريس الفلسفة والقانون والمهارات التقنية في المرحلة الثانوية تفاعل عدد من رواد وسائل التواصل الاجتماعية مع القرار، وانقسم الرأي العام حول إضافة مقرر الفلسفة لمناهج المرحلة الثانوية، وعلى الرغم من عدم وضوح الأهداف العامة ومفردات المنهج إلا أن الأغلبية المعارضة رفضت المادة كونها تشكل خطرا من الناحية الدينية، وأنها قائمة على التشكيك، خاصة تلك التي تتناول الجانب الوجودي، فقد تؤثر بشكل أو بآخر على العقائد والمعتقدات لدى المتلقي أو الدارس.

ويأتي سؤالي: لماذا يصبح الجانب الديني أحد المخاوف مع كل خطوة للتقدم؟ وأنا لا أتحدث هنا عن جدلية الشرعية بالجواز أو التحريم، ولكن حول المخاوف من زعزعة الدين! فالمتتبع للأحداث وبدايات التقدم بكل أشكاله وأنواعه يجد الجدل قائما في كل مرة مثل بداية التعليم، ودخول القنوات الفضائية، والابتعاث، والترفية، كلها كانت تدور حول الهاجس الأول «الدين».

ورغم أن هناك مدة زمنية بين المستجدات السابقة ودخولها للمجتمع، إلا أن الدين ظل الهاجس الثابت في كل مرة دون محاولة معرفة الأسباب المنطقية خلف هذا التخوف، فهل كان هذا التخوف نتيجة لإدراك كثيرين أن الخطاب الديني وطريقة تلقي المادة الدينية خاطئان أو غير كافيين ليكون من الثوابت داخل الفرد، وأنه هش بحيث يكون عرضة للزعزعة مع التطور والتقدم العلمي والمعرفي للإنسان؟

أعتقد أن فصل الدين عن العلم أو الخلط بينهما ليسا الحل الأمثل، لكن علينا تقوية الجانبين معا، وباتساق حتى لا نعود لهذه المخاوف، والخطوة الأولى أيضا لا بد أن تكون نابعة من التعليم، فالمناهج الدينية التي بقيت حبيسة التلقين والحفظ لا بد لها أن تتغير، فالجانب الفكري في الدين والتدبر والتأمل لا بد أن يكون حاضرا كجزء من استراتيجية التدريس لهذه المناهج، وكذلك تغيير الخطاب الديني المبني دائما على التقبل دون نقاش إلى المشاركة في الوصول إلى الحقائق من خلال الحوارات والنقاشات.

تنمية التفكير النقدي لا تتعارض مع الجانب الديني بقدر ما هي مكمل ومعزز له، فالوصول إلى العقيدة السليمة من خلال التفكر والتدبر أعمق أثرا من التلقين ومحاربة التساؤلات المنطقية في هذا الجانب.

afnan_hayat@