شاكر أبوطالب

صناعة الصور النمطية السلبية عن السعودية

الاحد - 30 أغسطس 2020

Sun - 30 Aug 2020

تقتات كثير من المواقع الالكترونية التي تستهدف السوق السعودية على نشر وإبراز محتوى إعلامي سلبي يشكل صورة نمطية سيئة عن المجتمع السعودي، إذ نقرأ كثيرا عناوين ومقدمات تبدأ بجمل متكررة، بأن حدثا ما «يثير جدلا بين السعوديين»، أو بأن حالة ما «أثارت ضجة في المجتمع السعودي»، وعند تتبع مضمون المحتوى ومصادره ينكشف مقدار التزييف للواقع والتضخيم للشاذ، الذي يتم توظيفه قصدا لزيادة حجم الزيارات للموقع الالكتروني بهدف جلب المعلن وزيادة سعر الإعلان لتوفير تمويل مالي يضمن استمرارية الموقع الالكتروني وتغطية تكاليف تشغيله.

وهذه الحالة ليست إلا مثالا ضمن عدد من الأمثلة التي ظهرت منذ زمن ليس بالقصير؛ لصناعة الصورة النمطية السلبية عن السعودية قيادة ومجتمعا ووطنا، وهي عملية عدوانية مبرمجة تؤديها تلك المواقع الالكترونية والمنصات الاجتماعية من خلال الاستمرار في إنتاج ونشر المحتوى المزيف، ومع التكرار والاستمرارية تتم عملية بناء مجموعة من الأوصاف السيئة والصور السلبية.

وينشأ الضرر الأكبر عن تبني عدد من وسائل الإعلام الرسمية لهذا المحتوى السلبي وتعيد إنتاجه أو تسليط الضوء عليه من خلال إبراز حالات نادرة في المجتمع السعودي كدليل إثبات على وجود تلك السمات السيئة المزيفة بهدف ترسيخها، وقد تتنوع أشكال المحتوى المزيف وتختلف زوايا تناوله لتأكيد الصورة النمطية السلبية عن السعوديين.

والخطورة الناشئة عن النجاح في صناعة صورة نمطية سلبية عن المجتمع السعودي، تكمن في تشكيل رأي عام يتسم بإبداء مشاعر مختلطة من السخرية والكراهية، يتغير بناء عليها طبيعة التعامل مع الفرد السعودي في الواقع المعاش والعالم الافتراضي، مما يبرر السلوك السلبي تجاهه، ويجعله أحيانا عرضة للخطر.

لذلك؛ ينبغي علينا جميعا عدم المساهمة في صناعة صورة سلبية عن وطننا ومجتمعنا، برفض المحتوى الإعلامي السلبي وعدم التفاعل معه بجهل أو سذاجة، والرد عليه بالمنطق والحجج في الحالات التي تستدعي ذلك.

ولن يتم ذلك إلا من خلال رفع الوعي الفردي والمجتمعي، عبر حملة استراتيجية مستديمة على المستوى الوطني، للمساهمة في التوجيه والتوعية بشأن كيفية التعامل مع محتوى المواقع الالكترونية ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، للحد من المخاطر المحتملة على الفرد والمجتمع نتيجة الاستخدام السيئ والتلقي غير الواعي للمحتوى الإعلامي الرديء والمزيف.

وينبغي حماية الأطفال والمراهقين وتنمية تفكيرهم النقدي لرفض التعرض والتفاعل مع المحتوى الإعلامي المبني على القيم الهدامة وغير الملائمة، وضرورة تعميق فهمهم للثقافة الإعلامية، وإكسابهم مهارات كشف الأجندة الخفية لإنتاج المحتوى الإعلامي الموجه لهم، وبناء مناعة مضادة للأساليب الإقناعية الموظفة بخبث، والنضج في اختيار المحتوى الإعلامي القيم الذي يضيف لهم، وتنمية قدراتهم للمشاركة الإيجابية والفعالة.

وقبل تصميم وتنفيذ هذه الحملة الوطنية، ينبغي إدراج مهارات التعامل الواعي مع التقنية والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في مراحل التعليم العام، ليصبح اكتساب هذه المهارات جزءا أصيلا من العملية التربوية والتعليمية، لتعزيز سبل التنشئة السليمة للطلاب والطالبات.

وهذه الخطوة المهمة ستضمن تنمية القدرات الفردية للتعرف على أهداف وسياق محتوى الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وزيادة المهارة الذاتية في تحليل المحتوى وتطوير الرأي النقدي المستوعب لرسائل وقيم المحتوى، وينتج عن تنمية الحس النقدي ضمان الوعي عند انتقاء المحتوى الإعلامي، والقدرة على التعبير عن الرأي والمشاركة الاجتماعية والتواصل مع الإعلام، إلى جانب تعزيز التفكير الإبداعي لإنتاج مختلف أشكال المحتوى الإعلامي المبتكر، والاستخدام الأمثل لتقنيات الاتصال والترفيه.

shakerabutaleb@