أحمد الهلالي

طلاب التوحد.. كيف سيكون التعليم عن بعد؟

الثلاثاء - 25 أغسطس 2020

Tue - 25 Aug 2020

سأتناول ملف التوحد في سلسلة من المقالات، فدماء هذا الملف متفرقة في أروقة الوزارات الثلاث: (التنمية الاجتماعية والتعليم والصحة)، وما تزال الأسر تعاني في متاهة ممتدة تزيدهم رهقا، فمن أجل الحصول على الدعم يتوجهون إلى التنمية الاجتماعية، ومن أجل تعليم الأبناء يبحثون في إدارات التعليم عن المدارس المناسبة لاحتياجات أبنائهم، وللتدخلات العلاجية على مستوى الصحة العامة، وعلى مستوى اضطرابات التوحد يراجعون وزارة الصحة، وما تزال الوعود تترى بتوحيد الجهود وجمع كل هذه الخدمات في جهة واحدة ولكن ذلك لم يحدث.

عام 2014 كشف وزير الصحة آنذاك، الدكتور عبدالله الربيعة، عن توجيه المقام السامي بإنشاء ثلاثة مراكز رئيسية للتوحد في (جدة والرياض والدمام) بتكلفة 900 مليون ريال، وفي خبر مماثل نشرت صحيفة مكة عام 2015 تصريح وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية للرعاية الاجتماعية والأسرة، الدكتور عبدالله المعيقل آنذاك، وعام 2017 عنونت صحيفة عكاظ بـ (900 مليون لـ3 مراكز توحد.. تبخرت!)، وها نحن اليوم بعد سبع سنوات من تصريح الربيعة نتساءل عن تلك المراكز، ماذا حل بها؟

أرسل لي عدد من ذوي التوحديين عن معاناتهم، وحاجتهم إلى الدعم، وليس الدعم فقط، بل متابعة حالات أبنائهم، فهم بحاجة إلى مراكز متكاملة تخدم أبناءهم في كل مدن المملكة المترامية الأطراف.

يشتكون من ضعف التوعية، ومن قلة العيادات الصحية التي تستطيع التعاطي مع التوحديين حتى على مستوى الصحة العامة غير المتعلقة بالتوحد، كالأسنان والعيون والأمراض والآلام المختلفة، ومن ضعف المتابعة للخدمات الموكلة إلى جهات ومراكز خاصة.

ولأننا على أبواب العام الدراسي سأتناول أولا ما يخص وزارة التعليم، فأولياء الأمور يطالبون بإنشاء أقسام خاصة للتوحديين بعيدا عن الحالات الأخرى، لخصوصية هذه الحالة، وفي ظل قرار التعليم عن بعد فإن آباء الطلاب التوحديين يتساءلون عن مصير أبنائهم، وكيف سيستطيعون الإفادة من البرامج التعليمية عن بعد مع معاناتهم من فرط الحركة والتشتت، فمعلمو التربية الخاصة قليلون، وفوق ذلك فقد أسند لكل معلم عدد كبير من الطلاب، فلماذا لا توفر الوزارة آلية لهذه الحالات الخاصة، فإما أن يكلف معلم التربية الخاصة بزيارة الطفل في منزله، على ألا يكلف بأكثر من ثلاثة طلاب، أو تفتتح لهم فصول تحقق التباعد الاجتماعي ما دامت المدارس خالية الآن، المهم أن يستفيد هؤلاء الطلاب، وألا تتراجع مستوياتهم التي حققوها قبل الجائحة.

وفي الجانب التعليمي ـ أيضا ـ يشتكي أولياء الأمور من جشع المدارس الخاصة التي تبحث عن أموال الدعم الحكومي للتوحديين، ولا تقدم الخدمات المأمولة، فهم ـ حسب إفادات أولياء الأمور ـ يتوسعون في القبول لتحقيق الربح المادي، ومن جهة أخرى لا يقدمون المأمول، ولا يطورون ما يقدمونه، وهنا يقع لوم الآباء على الجهات الداعمة التي يجب أن تضع الخطط والسياسات وتراقب التنفيذ لمن تدفع لهم مقابلا، ويكون في حسبانها ألا تكتفي بدفع المقابل، بل تسعى لتقديم الخدمة بنفسها إلى المستفيدين مستقبلا، من خلال مراكز متخصصة تنشئها هي.

وللوزارة أيضا أن تتحقق من ادعاءات أولياء الأمور، فقد حكى بعضهم أن بعض المدارس الخاصة والمراكز تستقطب خريجي التربية الخاصة، وتستفيد من خدماتهم لمدة ثلاثة أشهر، ثم تستغني عن كثيرين وتستقطب آخرين، وهكذا يظل التوحديون وأصحاب الاحتياجات الخاصة حقول تجارب للموارد. ولعمري إن هذا حقيق بالفحص والتأكد، وإن فتح مكاتب المسؤولين وصدورهم لسماع معاناة الأهالي مطلب لا يستحق التأخير، فهو أجدى وأنجع من المؤتمرات والملتقيات التي تدبج فيها الكلمات وتستعرض فيها أوهام المنجزات. وللحديث بقية.

ahmad_helali@