محمد الأحمدي

إعلانات مشاهير التواصل الاجتماعي

الثلاثاء - 11 أغسطس 2020

Tue - 11 Aug 2020

بغض النظر عن نوعية المحتوى المقدم والحكم عليه في وسائل التواصل الاجتماعي، فهذه حرية شخصية يكفلها النظام لهم إذا لم تمس القيم المجتمعية، والهوية الوطنية، والأمن، والمقومات التي تكفلها الدول لاستقرارها ومواطنيها.

أما ما عداها فللمتابع الأحقية في متابعة من يشاء والصفح عمن يشاء.

لقد ارتفع الوعي لدى المتابعين حول أساليب الإعلانات المبطنة التي تستهدف التأثير على قراراتهم عبر وسائل التواصل المختلفة، والتي ربما يصدق على معظمها إعلانات الاستنزاف المبطنة التي استخدمت كوسيلة تسويقية غير منضبطة.

فعلى سبيل المثال: على الرغم من ضرورة شرب الماء في هذه الأجواء الحارة إلا أن التركيز على شركة مياه واحدة قد تكون أدنى جودة تجدها ترافق معظم المسوقين لها في التواصل الاجتماعي يجعل المتابع يعرف تلك الحيلة الدعائية. أو في المقابل الترويج بأن الزي الرسمي لا يكمل إلا مع المنتج الفلاني الذي يشعر المعلن بالثقة والفخر عند ارتدائه، وهو ذو جودة متوسطة في أحسن الأحوال.

اللمسة الاحترافية في تقديم الإعلان الخفي تكمن في ترويجه بطريقة عفوية توحي للمتابع الحاجة لتناول الماء جراء ارتفاع درجات الحرارة، أو الشعور بالتعب نتيجة للحديث المستمر لإيصال الفكرة المطروحة للنقاش وغيرها حتى يمرر هذا الإعلان بشكل تلقائي خلال ثوان معدودة.

لا توجد حقيقة مطلقة تصلح لكافة الناس بتنوع أطيافهم، أو تتناسب مع ميول الجميع، وتلبي رغبة الكل في المنتجات على الأقل. وقد قيل «لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع». وعلى الرغم من إدراك الكثير لهذه الحقيقة إلا أنهم يتأثرون مع المدى بما تراه أعينهم، وألفته عقولهم عبر متابعة هذه الإعلانات، والنتيجة الشراء دون تفكير.

اليوم مشاهير التواصل الاجتماعي حقيقة ليسوا هم الخطر المحيط بالمتابع، فمعظمهم من ذات المجتمع المستهدف بالإعلان وغيره. ويحملون ذات القيم الاجتماعية والثقافية والدينية، ويعيشون بين جنباته، والأجهزة الرسمية قادرة على الوصول إليهم حينما يتطلب الأمر توجيههم للأفضل.

الخطر الحقيقي قد يأتي عبر بعض الإعلانات المنبثقة والموجهة التي تستهدف القيم المجتمعية، والهوية الوطنية، والمبادئ الأخلاقية التي تقودها منظمات عالمية، وشركات دعائية منظمة تبثها عبر الأجهزة المختلفة.

إن تطور الذكاء الاصطناعي وتتبعه لسلوك الفرد وربطه بين أنشطته المتنوعة يجعل هذه المنظومة تقدم الإعلان الهادف الذي يلامس الحاجة المباشرة بهوية وأيديولوجية قد لا تكون مناسبة لمتلقي الإعلان.

فتغليف التسويق الدعائي بأيديولوجيات فكرية منحرفة وقيم مختلة وأحيانا لا أخلاقية من أجل ترويج سلعة يشكل قلقا حقيقيا.

على الرغم من أن الشبكة المزودة للإنترنت بمنزلي توفر حماية لمثل هذه الإعلانات غير الأخلاقية، ووجود برنامج حماية خاص، ومفعل منع الإعلانات المنبثقة بقوقل إلا أني اليوم استقبلت إعلانا لا أخلاقيا، ضد الفطرة الإنسانية، يسوّق لكريم الحماية من الشمس التي تجوب القارة الأوروبية في هذا الشهر. الأكثر خطورة أنها تنشط على شكل فيديوهات تستغرق لثوان في تطبيقات الألعاب الموجهة للأطفال.

إن قدرة الذكاء الاصطناعي على معرفة سلوك المتعامل مع التقنية ليقدم له الإعلان الموجه تعد تقدما للتطور التقني في تقديم المتطلبات وفقا للمعطيات المدخلة لقواعد البيانات، والتي تخزن بشكل تلقائي، ثم تبنى عليها التنبؤات المستقبلية، ومنها الإعلانات المنبثقة عند إخراجه من السياق السابق.

هذه الإعلانات التي تدار بهوية مجهولة، وبقيم العولمة، وبمظهر التعميم أخطر من الإنسان الذي ينشر إعلانا يجتهد في إخفائه حتى ينال أكبر نصيب من عوائده. كما أن الوصول للأفراد أسهل من الوصول للكيانات.

أدرك أنه تحد للأمن السيبراني، ومصممي برامج الحماية للحفاظ على الخصوصية المجتمعية والفردية التي تتماشى مع المجتمعات المختلفة. إن في ظل تنامي دمج التقنية في الحياة اليومية فلا عجب أن تظهر لك الدعايات المنبثقة في داخل سيارتك الالكترونية برفقة عائلتك، أو على جدار مطبخ منزلك التقني، ولربما يتحدث بها الروبوت الناطق الذي يوقظك من غفوة على الأريكة في الصيف الحار إذا لم تنجح السبل في منعها.

إيثان زوكرمان مبتكر فكرة الإعلانات المنبثقة عبّر عن أسفه عن هذا الابتكار الذي قدمه لخدمة الدعاية التسويقية التي نشأت كحاجة لحل مشكلة الارتباط بين المحتوى الرئيسي والدعاية.

@alahmadim2010