محمد خليل منجد

برامج الجامعات المدفوعة.. الهدف والنتيجة

الاحد - 12 يوليو 2020

Sun - 12 Jul 2020

تتوالى هذه الأيام تباعا إعلانات القبول لبرامج الدراسات العليا المدفوعة في الجامعات الحكومية، فمنذ أن تمت الموافقة على تقديم الجامعات الحكومية تلك البرامج بمقابل مادي، لتبدأ بذلك الاعتماد على تمويل احتياجاتها ذاتيا؛ تجاوبت تقريبا كل الجامعات الحكومية، ناشئتها والراسخة منها مع تلك الموافقة. كما اختلفت وفق فلسفة إداراتها في طرحها لتلك البرامج، فمنها ما جمعت ما بين المهني والأكاديمي وأخرى تفردت بأحدهما.

وتباينت الآلية التي اتبعتها الجامعات في تصميم برامجها المدفوعة، فبعضها اعتمد الأسلوب الأكاديمي البحت، فشكلت الأقسام لجان الدراسات العليا وأسندت إليها تصميم البرامج، ولربما أن بعضها - كما اطلعت على تجربة جامعة الطائف - دعت جهات التوظيف إليها واستمعت إلى احتياجاتها من الكوادر المؤهلة، لتوائم بذلك بين خبراتها العلمية وواقع الطلب الفعلي للتخصصات والدرجات العلمية، فجمعت بذلك بين الحسنيين.

وأيا كانت ردات فعل الجامعات، سيظهر أثرها لاحقا بعدما تتوالى دفعات الخريجين والخريجات إلى سوق العمل، وتخضع تلك التجارب للتقييم.

غير أن ما ينبغي التنويه إليه أن تكون تلك البرامج كغيرها من البرامج الأكاديمية المقرة في عموم الجامعات، من حيث جودة وحداثة محتواها العلمي لتواكب بذلك النمو المتسارع في شتى المجالات العلمية، ولتشكل مخرجاتها قيمة مضافة لما يحتاجه سوق العمل، لا أن نصطدم يوما بواقع يمثل صفا جديدا من العاطلين والعاطلات، يزيد الوضع تعقيدا بجانب المخرجات السابقة من بعض خريجي برامج الابتعاث الخارجي الذين ضاقت عن استيعابهم جهات التوظيف وسوق العمل، والتي تطالعنا وسائل الإعلام المختلفة بمعاناتهم بين الفينة والأخرى.

ولا نريد أيضا أن نفيق يوما على انتقادات جهات التقييم بأن تلك البرامج لم تحصل على الاعتمادات الأكاديمية، وأن خريجيها أقل تأهيلا ومهارة من نظرائهم الدوليين.

عموما، لا تزال تجربة الجامعات حديثة في هذا الجانب، حيث لم تمض إلا سنوات معدودة على إقرار تلك البرامج بمقابل مالي، كما لم تصدر إحصائية رسمية بعد عن الجامعات الحكومية مجتمعة، حول أعداد المقبولين والمتخرجين من دفعاتها السابقة ولا المسار الذي اتجهوا إليه عقب التخرج.

ولأن الأساس في القبول لهذه البرامج من أهم اشتراطاته الملاءة المالية للمتقدمين والمتقدمات، إلى جانب الاشتراطات الأكاديمية الأخرى التي تقرها كل جامعة، فإن مجال الالتحاق بعد المفاضلة مفتوح للجميع، بمن في ذلك المقيمون، اعتمادا على ما أقرته الجامعات من طاقة استيعابية.

ولما كان من المحمود أن يشيع في المجتمع طبقة ذات تأهيل علمي عال من حملة الشهادات العليا، يجب أن يكون هناك وعي مجتمعي وهدف واضح لا غبار عليه لجميع المتقدمين - من الجنسين - من غرض حصولهم على تلك المؤهلات، وعلى الأخص من كانت أهدافهم تتطلع إلى الوظائف وسوق العمل، وعلى المتقدمين وحدهم دون غيرهم أن يخططوا جيدا لذلك، وأن تكون قراراتهم مبنية على حقائق واقعية واستشراف مستقبلي دقيق، دون أن يغريهم بريق المؤهل المنشود ثم يفاجؤوا بواقع مغاير لما كان في مخيلتهم، لأنهم من الصعب حينها أن يقبلوا بمجرد عمل لا يتماشى مع تأهيلهم العلمي العالي الذي حصلوا عليه. كما أن جهات التوظيف حينها قد ترى فيهم تأهيلا أعلى من حاجتها فتحجم عن توظيفهم.

وهي همسة إلى الجامعات الحكومية أن تكون مستعدة لاستيعاب المتميزين من هؤلاء الخريجين لاحقا، سواء في توطين كوادرها أو إحلالهم بالمتقاعدين، فهم هذه المرة نتاجها المحض، لا أن تكون توصيات المجالس أعذارا مقولبة بعدم امتداد التخصص أو عدم مواءمة المرشح لتخصصات القسم الأكاديمي.

@MK_ALMonjed