عاصم الطخيس

أفلام الماتريكس وعلاقتها بالفلسفة

الثلاثاء - 31 مارس 2020

Tue - 31 Mar 2020

تعتبر سلسلة أفلام الماتريكس من أنجح وأكثر الأفلام تأثيرا على صناعة السينما والمشاهدين إلى يومنا هذا، مما يدعو إلى التساؤل: لماذا؟ على الرغم من أن ظهور أول فيلم ضمن الثلاثية كان عام 1999 إلا أنه أحدث ثورة تنويرية، ورؤية ما خلف العالم الذي نعيش فيه نحو البحث عن الحقيقة.

سأتحدث عن الفيلم الأول وعن أهم الفلاسفة الذين أخذت أساليبهم ونظرياتهم وحُورت لبناء الشخصيات، والأحداث والحوار، وهم: أفلاطون (Plato)، سقراط (Socrates)، رينية ديكارت (René Descartes)، جان بودريلارد (Jean Baudrillard)، وبعض الأفكار الهندوسية والمسيحية والبوذية. لكن سنركز على أفلاطون وسقراط ضمن هذا المقال.

الماتريكس وفلسفة كهف أفلاطون

موضوع الفيلم مبني على (الميتافيزيقا الثنائية وكهف أفلاطون)، ولفهم ما نعني نحتاج إلى شرح مبسط عن هذه الفلسفة. عندما اجتمع أفلاطون وسقراط اكتشفا استعارة تصف الفلاسفة مفادها: في ظلمة الكهف يُكبل الرجال منذ ولادتهم، شاخصي أبصارهم نحو الجدار الذي أمامهم، بينما خلفهم فتحة مثل الجدار ضمن الكهف، والتي تسمح لعدد من الرجال الذين يحملون المواد المتنوعة على أكتافهم. هؤلاء الرجال غير مُكبلين، ولكن ظلالهم تظهر على جدار الكهف، ويمكننا سماع أصواتهم المتحجرة التي تصدح في الكهف. أحد المساجين سيطلق سراحه، سوف يغادر الكهف، وأول شيء سيحصل له هو أنه سيعمى مؤقتا من نور الشمس. في نهاية المطاف سيكتشف أن كل ما رآه خلال وجوده في الكهف لم يكن حقيقة وواقعا. لكنه يريد العودة من جديد للكهف لإقناع المساجين الآخرين، وفتح أعينهم وجعلهم أحرارا. لكنهم مع الأسف لا يظهرون أي تقبل لنظرياته، وبما أنهم ولدوا في هذا النظام، فإنهم سيدافعون عنه حتى النهاية وسوف يقتلون الهارب من الكهف.

فيلم الماتريكس والميتافيزيقا الثنائية

هناك مستويان من العالم، خارج الماتريكس وهو الواقع، بينما داخل العالم (الماتريكس) هو الوهم. هذه الازدواجية هي نموذج لفلسفة أفلاطون. هذا المشهد كان واضحا عندما تقابل نيو (Neo) مع مورفيس (Morpheus) أول مرة ومشهد الحبتين الزرقاء والحمراء، فالزرقاء تمثل عالم الماتريكس الوهمي، أما الحمراء فهو العالم خارج الماتريكس والحقيقي، لكن لكي يحرر عقله يجب عليه الدخول في خندق الأرنب العميق لمعرفة إلى أين يأخذه.

نيو وسقراط

إكمالا للفلسفة السابقة، يمكننا التصالح مع الهارب، مع شخصية الفيلسوف نفسه (الذي يحاول تنوير زملائه)، وهذا يعود على سقراط. بالفعل فإن أفلاطون يحكي القصة الحقيقية لمعلمه سقراط الذي حاول الهرب آنذاك، ليدعو رفاقه الأثينيين إلى العقل عندما زار الأوراكل بيثيا في منطقة دلفي، والتي تنبأت بمهمته في تنوير البقية. لكن حُكم على سقراط في نهاية الأمر بالموت من قبل رفاقه، وحُكم عليه بشرب مادة سامة.

في فيلم الماتريكس، فإن التقريب بين نيو وسقراط يبدو واقعيا. نيو يزور أوراكل «عرافة» ودعونا نلاحظ العبارة المعلقة فوق باب المطبخ التي تقول «اعرف نفسك»، وهي عبارة تعود لأفلاطون. مثل سقراط، نيو تم اختياره من مورفيس، كما تم اختيار سقراط من قبل أفلاطون، هنا يجب على نيو إنقاذ شعبه، وكما حصل مع سقراط فإن نيو يبدو مبهورا من الضوء بعد أن أطلق سراحه وتم تحرير عقله.

حوار يصف هذه الحالة ضمن الفيلم

مورفيس: هي (الماتريكس) العالم الذي يركب مظهرك لمنعك من رؤية الحقيقة.

نيو: أي حقيقة؟

مورفيس: في كونك مملوكا (عبدا). كالبقية مُكبلا منذ ولادتك. العالم (الماتريكس) سجن حيث لا يوجد أمل ولا طعم ولا رائحة، سجن لعقلك.

AsimAltokhais@