سالم الكتبي

«كورونا» والتعاون الصيني ـ الغربي

الأربعاء - 18 مارس 2020

Wed - 18 Mar 2020

على خلفية زيادة حالة الهلع والخوف والقلق من انتشار كورونا عالميا، رددت وسائل الإعلام العالمية مناشدات عدة بضرورة توحد العالم في مواجهة انتشار الفيروس، انطلاقا من حجم الخسائر المتوقعة للجميع في حال استمرار هذه الحالة من التراجع الاقتصادي العالمي، فضلا عن تيقن الجميع من أنه لا أحد بمنأى عن الخسائر الناجمة عن كورونا، وأن انتقاله وانتشاره بدرجات متفاوتة في هذه الدولة أو تلك مسألة وقت وترتبط بعوامل حتمية الحدوث.

منظمة الصحة العالمية التي كانت تقول حتى أيام مضت إن إمكانية احتواء الخطر لا تزال قائمة، وإن هذا ليس وقت الاستسلام، مما أعطى كثيرين قدرا كبيرا من الأمل في التصدي لهذا التهديد الصحي العالمي؛ عادت لتعلن أن فيروس «كورونا» جائحة عالمية، مما يعطي للتهديد بعدا جديدا يتطلب تكثيفا حقيقيا للتعاون والتنسيق العالمي للحد من الخطر واحتواء مصادره ومسبباته.

ولا شك أن توقف نشاط وعزلة الصين التي تعتبر «ورشة العالم» كما تقول صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية بسبب تفشي فيروس كورونا، قد تسبب في خسائر عالمية في قطاعات الصناعة والتجارة، كما أصيبت حركة السياحة والسفر والنقل بضربة قوية جراء التحذيرات من السفر والإجراءات التي اتخذت بشأن منع الطيران بين دول وأخرى، كما أن الأحداث تشير إلى تفاقم حجم الخسائر جراء انتشار الفيروس وحالة الهلع العالمي المصاحبة له، فهناك شبه توقف أو شلل جزئي على أقل التقديرات في الاقتصاد العالمي، والخسائر باتت باهظة، والأسوأ منها التقديرات التي تشير إلى سيناريوهات كارثية مدمرة ستخلف آثارا سلبية على الدول كافة.

الحقيقة أن تبادل الخبرات والتجارب في مواجهة هذا التهديد يجب أن يتسارع، وأن تتخلص الدول من الحساسيات السياسية التي تصاحب مثل هذه الأمور، فالملاحظ أن هناك نوع من الحساسية في مسألة التعاون بين الغرب والصين في مواجهة انتشار فيروس «كورونا»، فالصين التي اكتسبت تجربة وخبرات هائلة منذ الإعلان عن تفشي الفيروس في مدينة ووهان وانتقاله لمدن أخرى، قادرة على تزويد العالم أجمع بكثير من الدروس والخبرات، ويجب على الجميع القفز على أي حساسيات سياسية، والانتقال فورا لتعاون وتنسيق جاد بعيدا عن أي حسابات أخرى، ولا سيما أن الصين قد عرضت المساعدة على دول تشهد تفشيا للفيروس مثل إيطاليا، وذلك خلال اتصال هاتفي بين وزير الخارجية الصيني وانج يي ونظيره الإيطالي لويجي دي مايو، الذي أكد في الاتصال الهاتفي أن التجربة الصينية في مواجهة الفيروس تعد نموذجا يمكن الاستفادة منه.

بعض التقارير الإعلامية الغربية تقول إن «الكبرياء» الغربي يمنع عواصم كبرى من التواصل مع الصين للاستفادة من تجربتها، ولا سيما في ظل ما عرف عن الغرب من تطور في البحث العلمي والتكنولوجيا، وأن المسألة تتعلق بالنفوذ الاستراتيجي العالمي والهيمنة العلمية في القرن الحادي والعشرين، ولكن المؤشرات تشير إلى أن تسارع وتيرة تفشي الفيروس عالميا تفوق في خطرها أي محاذير أو تحفظات ربما تراها بعض الدول في مسألة التعاون الدولي في مواجهة هذا التهديد الجديد.

المؤكد أن الصين تمضي بشكل جيد على طريق محاصرة خطر «كورونا»، وقد تابعنا جميعا كيف أن الرئيس شي جين بينغ قد قام بزيارة إلى مدينة ووهان التي تعد بؤرة الانتشار الأساسية للفيروس في بلد المليار وثلاثمئة مليون نسمة، وهو مؤشر واقعي على تحسن الأوضاع في هذه المدينة، حيث أعلن من هناك أنه «تمت السيطرة عمليا» على تفشي فيروس كورونا المستجد في مقاطعة هوبي بؤرة انتشاره وعاصمتها ووهان، وقال الرئيس الصيني «تم تحقيق نجاح أولي نحو استقرار الوضع وتحسنه في هوبي وووهان»، بحسب ما نقلت وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية عقب قيام الرئيس الصيني بأول زيارة له إلى المدينة منذ بدء الأزمة.

تأكيد الصين على تحقيق «نجاح أولي» في السيطرة على «كورونا» يخفف قليلا من وطأة إعلان منظمة الصحة العالمية عن «جائحة كورونا»، ولكن الخطوة الأهم هي الإسراع بتعزيز قنوات التعاون والتواصل والتنسيق العالمي بين الصين والغرب، من أجل وقف تمدد الفيروس والحد من تأثيراته التي تهدد البشر والاقتصاد العالمي.

salemalketbiar@