حصة مطر الغامدي

التلقيح العاطفي للطفل ضد كورونا

السبت - 14 مارس 2020

Sat - 14 Mar 2020

في اليوم التاسع من مارس 2020 استيقظ أطفالنا من نومهم بعد ليلة هادئة ومريحة، مثل كل يوم وليلية في بلد آمن وحكومة آمنة، ولكن المشهد يختلف بالنسبة لهم اليوم، فقد جرى تعليق الدراسة.

فزع وقلق عام بالمنزل، إنه كورونا؟ ثم تأتي الملائكة الصغار بتلك الأسئلة المتنوعة: لماذا تم تعليق الدراسة؟ ما هو كورونا؟ هل كورونا مرض قاتل؟ وتتوالى الأسئلة.

يبقى المشهد طبيعيا إلى أن تصبح الأم قلقلة، فينتقل ذلك القلق بانسيابية إلى الأطفال، وهذا ما أكده العلماء «الأم القلقة تنجب أطفالا قلقين»، إنها مواقف طارئة تحدث لنا كبشر، أحداث متجددة ومتغيرة كل يوم كونها سنة كونية لا محالة، وقد نختلف كأفراد في طريقة التعاطي والتفاعل مع هذه المواقف مع أطفالنا، إنها مواقف حرجة وحساسة.

يحتاج الموقف إلى حكمة وتكتيك تربوي، لأن من المهم إدماجهم في قضية مرض كورونا، كونهم جزءا من منظومة المجتمع، بالتالي لا يمكن تهميشهم أو تجاهل تفكيرهم ومشاعرهم.

إنها الفرصة من المربين لمحو «الأمية الكورونية عند الطفل»، ومن خلال العبارات التي يلتقطها الطفل بأذنيه الصغيرتين يصاب الطفل بالإحباط ويعيش في دوامة من القلق. أفضل كلمة نرددها على الطفل حينها: نحن بأمان، اطمئن يا صغيري. وهناك طريقة تسلسلية لمحو تلك الضبابية عند الطفل:

أولا: ترك المجال للطفل ليعبر عن خوفه وأفكاره، مع ضرورة تأكيد وتصديق مشاعره، كأن نقول: فعلا كورونا فيروس وينتشر بسرعة، لقد لاحظت هذا الخوف من صوتك وعينيك، ولكن اطمئن

فالبحث عن علاج مستمر، وهو قريب إن شاء الله، والثقافة الصحية هي درع واق سنتبعها جميعا.

ثانيا: عدم الإسهاب في التفاصيل، ومن الممكن تغيير محور الحديث ثم المضي في الروتين اليومي.

ثالثا: إخباره عن سبب توقف الدراسة بسبب الاحتياج المكثف للتعقيم، والتقليل من الازدحام والاختلاط.

رابعا: الأهم هو الاهتمام بالجانب التثقيفي الصحي بشكل دقيق، إنها الفرص التي يتعلم الطفل من خلالها التعاطي مع الأزمات بشكل منظم وصحي.

ننصح المربين بعدم الخوض في الحديث عن التفاصيل الدقيقة عن المرض وأعداد الموتى وكل التغطية التي تشغلنا كبالغين ومدركين، فالطفل مهما بلغ ذكاؤه إلا أن إدراكه محصور.

كما أن الاحتضان والعناق والابتسامة والقبلة من قبل الآباء للأطفال تحميهم ضد أي قلق أو توتر، وقد أطلق عليها بعض العلماء التلقيح العاطفي طويل المدى، بدوره يساعد على تقوية مناعة الجسم التي قد يحتاج إليها أطفالنا في الوقت الحالي، هذه ليس معنويات فارغة، إنما هي غذاء يحتاج إليه دماغ الطفل وقلبه، للنمو والاسترخاء لعملية التعلم والانطلاق، إنها أداة للتواصل والتفاعل ولبناء ذكريات وعلاقات جيدة من سنوات طفولتهم الأولى.

أخيرا، سنردد مع أبنائنا بشكل دائم أدعية وابتهالات، إنها الرابطة الإلهية التي ستحمينا بإذن الله، اللهم اصرف عنا الوباء، بلطفك يا لطيف، إنك على كل شيء قدير.

[email protected]