عاصم الطخيس

فيلم (فورد ضد فيراري) والأوسكار

الجمعة - 20 ديسمبر 2019

Fri - 20 Dec 2019

فيلم (فورد ضد فيراري) يعتبر من أفضل أفلام هذه السنة بعد فيلم (جوكر) من حيث السيناريو وأداء الممثلين والإخراج، لكن ما لا يعلمه البعض هو أن الفيلم مبني على قصة حقيقية واقعية حدثت في عام 1966 في سباق 24 ساعة في لي مانز (Le Mans) في فرنسا والذي يعتبر من أصعب السباقات في العالم. الفيلم من النوع الآكشن، الدراما والسيرة الذاتية، وهو من كتابة سيناريو جيز بترورث (Jez Butterworth)، جون-هنري بترورث (John-Henry Butterworth) وجيسون كيلر (Jason Keller) ومن بطولة كريستيان بيل (Christian Bale) في دور كين ميلز (Ken Miles)، مات ديمون (Matt Damon) في دور كارول شيلبي (Carroll Shelby)، جوش لوكاس (Josh Lucas) في دور ليو بيببي(Leo Beebe) وجون برنثال (Jon Bernthal) في دور لي إياكوكا (Lee Iacocca) وهو من إخراج جيمز مانقولد (James Mangold).

السيناريو

في مثل هذه الأفلام المبنية على قصة واقعية وسيرة ذاتية لأناس مشهورين وعلى قيد الحياة حتى الآن يكون من الصعب التلاعب بالحقائق، تم كتابة السيناريو لكشف الحقيقة التي جهلها أغلب الناس، وهو الصراع والشرخ الذي حصل بين أعضاء فريق فورد أثناء السباق وكيف أثر هذا على النتيجة النهائية. الجميل في السيناريو أنه لم يركز على السباقات بشكل واضح ولكن وضع جهدا كبيرا في تطوير الشخصيات بشكل عميق وإبراز صفات ومهارات كل شخصية وتأثيرها على من حولها. فشخصية كين مايلز هي شخصية عصبية، لا يرضى الانصياع للأوامر وغير مبال بما يحصل في العالم، كل ما يهمه هو أن يصلح السيارات التالفة من أجل المتعة. أما كارول شيلبي فشخصيته قوية، دبلوماسية، له هدف عميق في أي يصبح شيئا خصوصا بعد تحقيقه لبطولة سباق (Le Mans) قبل عدة سنوات، وهو أول أمريكي يفوز بهذا السباق. السيناريو ركز على علاقة شيلبي مع مايلز لتاريخهم السابق معا، وهنا تتوقد هذه العلاقة والانفعالات بينهما حتى في عراكهم الصبياني.

عند وضع شخصيات كخصوم للأبطال، فاختيار شخصية ليو أن تكون الخصم ضمن الفريق أوجد شيئا من التأثير النفسي من الترقب والانقسام والتأهب لما هو قادم، بخلاف الخصم على حلبة السباق لورينزو بانديني (Lorenzo Bandini) سائق فيراري الذي كان يتعامل مع التأثير الجسماني والتحايل. فعندما يكون البطل تحت تأثير نفسي وجسدي في آن واحد فهذا هو قمة استخلاص الشخصية من منبعها الحقيقي.

الأداء

أداء الممثلين كريستيان بيل ومات ديمون كان رائعا، بل واقعيا وملموسا لدرجة تجعلك تنسى أنك تشاهد فيلما. أداء كريستيان في هذا الفيلم يستحق الأوسكار عليه مع خواكين فينيكس الذي مثل دور (جوكر). أما مات ديمون فيعود أخيرا بأداء كسر جميع التوقعات، بل أعادنا لذكريات إتقانه لدور جيسون بورن، فتمكنه من التحدث بطريقة مدينة تكساس المعروفة بصعوبتها طوال الفيلم كان مدهشا. مما لا شك فيه أن الاندماج بين الممثلين كان واضحا في الفيلم، وهذا ما حصل خلف الكواليس، فقد استمتعا بالتصوير ويملكان نفس مدير الأعمال، ويعتبر هذا أول عمل لهما معا. شخصية كارول شيلبي في الفيلم هي الشخصية التي كانت تحت تأثير نفسي عميق وانقسام في الأولويات ووضع النقاط على الحروف، خصوصا عندما أجبر على تسريح كين مايلز من أن يكون سائق فورد بعد أن خاضا معا تعديل وتحسين الفورد جي تي 40. لقد كان مشهدا مؤلما لكلتا الشخصيتين ولكن أداء أجمل من الممثلين.

الإخراج

كان اختيار الألوان والزوايا وبعد الكاميرا له دور كبير في تقريب أو إهمال الحدث، ففي مشهد إخبار شيلبي لمايلز أن فورد لا تريده أن يكون سائقها، كان التركيز الأولى للحظات على الشخصيتين ضمن إطار كامل، بعدها انتقل لوجه مايلز الذي كان يعتصر الألم والمرارة من هذا القرار لكن تماسكه وعدم تحطيمه لما حوله يجعلك تدخل في عمق شخصية مايلز وما يشعر به وجميعا ممرنا بمثل هذه المشاعر والآلام، فكان جميلا مشاهدتها بهذه الطريقة. السباقات كانت مختلفة عما نراه في الأفلام التي تحتوي على سباق سيارات، فهذه المرة، كان التركيز على مقصورة السائق ومن منظور، وهو ما وضع المشاهدين ضمن مقاعد السيارة والسباق بها.

AsimAltokhais@