محمد حطحوط

قصة تسويقية لماكدونالدز: الكاثوليك لا يأكلون اللحم يوم الجمعة!

السبت - 16 نوفمبر 2019

Sat - 16 Nov 2019

يمتلك المطعم الشهير ماكدونالدز أكثر من 35 ألف فرع حول العالم! ولكن غالبيتها عن طريق الامتياز التجاري لطرف ثان، وله نسبة سنوية ثابتة، حيث لا يملك المطعم سوى 2770 فرعا كملكية كاملة 100%. ولهذا تعتبر الشركة في صراع مستمر مع شركائها حول العالم، لتطوير قائمة الطعام، وتلمس الذائقة المحلية.

أحد هذه الملفات كان مع (لو قرون) Lou Groen، مالك سلسلة المطاعم في مدينة سنسناتي الأمريكية، حيث واجه مشكلة في المبيعات عام 1962: يقطن المدينة غالبية من المسيحيين الكاثوليكيين، والذين تحرم ديانتهم أكل أي نوع من اللحوم يوم الجمعة، باستثناء السمك! قرون اقترح على مالك ماكدونالدز ري كروك (مؤسس مطاعم ماكدونالدز، وهو مسوق ذكي، اشترى المطاعم من عائلة ماكدونالدز نفسها)، أن يقدم في فروعه برجر فيليه لسمك Filet-O-Fish يوم الجمعة، ولكن كروك عارض الفكرة واقترح برجر هولا، يتكون من الأناناس وعليه جبن. ري كروك لديه القدرة الإدارية والمالية لتنفيذ رأيه، ولكنه قرر أن يكون الرأي النهائي للعميل، وقال لقرون: ضع المنتجين في ثلاثة فروع مختارة، والمبيعات هي الفيصل النهائي للفائز!

ضربت مبيعات برجر فيليه السمك وقتها بين الكاثوليك يوم الجمعة تحديدا في سنسناتي، واختار كروك سمك القد للبرقر الجديد، ولكن واجهته مشكلة: سمك القد ارتبط في الثقافة الأمريكية بذكريات سيئة وسمعته غير جيدة! عندها أعاد تسميته، لإعادة تموضعه، من سمك القد إلى سمك شمال الأطلسي الأبيض!!

حقق برقر فيليه السمك نجاحا مذهلا، وقرر كروك تعميمه، حيث تحولت من أكثر المنتجات نجاحا في تاريخ ماكدونالدز إلى يومنا هذا، بل إنها من الوجبات المفضلة للرئيس الأمريكي دونالد ترمب. يقول كروك في مذكراته: استمر قرون بين فينة وأخرى ساخرا بتذكيري بالهزيمة الساحقة لبرقر الهولا، ولكني ما زلت أحبه كثيرا في منزلي، أناناس وجبنة!

البراغماتية التسويقية التي قام بها كروك هي أحد أسرار نجاح العقلية الأمريكية: لا يهمها الفكرة.. من صاحبها.. لونه.. شكله.. مستواه التعليمي، السؤال الفاصل للذهنية البراغماتية: ما هي النتائج؟ دع السوق هو الذي يحكم، ولهذا فشلت ماك في منتجات كثيرة حاولت تقديمها، كالبيتزا والفاهيتا، ونجحت في منتجات أخرى، لأن العميل والسوق هما الحكم النهائي لأي فكرة تسويقية مجنونة!

mhathut@