منصور الشلاقي

«ساهر» ومراعاة ظروف المخالفين

الخميس - 31 أكتوبر 2019

Thu - 31 Oct 2019

من الأمور المهمة التي تردع وتوقف مخالفي أنظمة المرور والسير في بلادنا هي فرض الغرامات المالية حسب كل نوع من أنواع المخالفات المرورية، والتي من خلالها يمكن ردع المخالفين والمستهترين بأرواح البشر من تجاوز الإشارة الضوئية، وعكس السير، والتفحيط في الشوارع العامة، وغيرها. وفي السنوات الماضية ظهر نظام «ساهر» لرصد السرعة في الطرقات السريعة عند سرعات محددة، حتى تطور النظام في مراحله الأخيرة ليشمل مخالفات عدم ربط حزام الأمان، واستخدام الجوال أثناء القيادة، وتجاوز الإشارة الحمراء، وكل ذلك جاء بعد ازدياد نسبة الوفيات والإصابات بسبب الحوادث المرورية المروعة، وكان ذلك كله محل تأييد المواطنين لأنه من الأنظمة الصارمة التي تردع المتهورين وتلزمهم باتباع أنظمة وتعليمات المرور التي تحرص دوما على سلامة سالكي الطرق من مواطنين ومقيمين.

فنظام «ساهر» رائع من ناحية، وسلبي من ناحية أخرى، فأما الناحية الأولى فقد ساهم في انخفاض الحوادث المرورية ساعد على التزام السائقين والانصياع لتعليمات المرور على الطرق السريعة وداخل المدن، والتقيد بالسرعة النظامية حتى اختفت كثير من تصرفات وسلوكيات المتهورين الذين كانوا لا يبالون بتعليمات المرور وأحقية سالكي الطريق، وأما الناحية السلبية فهي قيمة المخالفات التي يتم رصدها بمبالغ كبيرة نوعا ما قد تثقل كاهل المواطن الذي يعمل بمرتبات متدنية جدا مثل موظفي البنود، والشركات الصغيرة، وبرامج السعودة، ولا ننسى أيضا العاطلين الذين يجوبون مناطق المملكة بحثا عن عمل، لكنهم يرجعون بمخالفات عديدة لا يستطيعون تسديدها حتى تتراكم عليهم المخالفات وقد يتسبب ذلك بإيقاف خدماتهم.

ومن هنا نقول ليت المسؤولين عن نظام «ساهر» والمرور يعيدون النظر في قيمة المخالفات مقارنة برواتب الموظفين، حتى يتمكن كل مواطن من تسديدها بسهولة دون تأخير، ولنضرب مثالا بمواطن يعمل موظفا على بند الأجور أو في شركة حراسات أمنية أو حتى في قطاع حكومي في المرتبة الرابعة أو ما دونها براتب شهري 4000 ريال، ويسافر من مدينته إلى مدينة أخرى، سواء للدوام أو لأي غرض آخر ثم يعود ويفاجأ برسالة نصية تصله على هاتفه الجوال مفادها بوجود ثلاث مخالفات بقيمة إجمالية 3000 ريال، فماذا بقي من راتبه إذا حسمنا منه قيمة البنزين وتسديد هذه المخالفات التي لم تراع ظروف المواطن ولا حتى المقيم؟

لذلك لا بد من إعادة الدراسة لقيمة المخالفات ومقارنتها بمتوسط الرواتب للموظفين مراعاة لظروفهم وتخفيفا عليهم، ليتسنى لهم التسديد أولا بأول، وحتى لا يصبح الهدف من النظام هو شفط الجيوب بحثا عن المال، ولا بد أيضا من وضع حد أعلى للمخالفات كمبلغ 10 آلاف ريال لا يمكن لأي مخالف أن يتجاوز هذا الحد إلا بالسداد أو إحالته إلى التوقيف وتعليق خدماته، وبهذا نضمن مسارعة كل مخالف إلى السداد باستمرار خوفه من التوقيف أو إيقاف الخدمات، وربما يساهم ذلك في تقليل نسبة المخالفات بشكل كبير، وهناك كثيرون نعرفهم قد تجاوزوا حاجز الـ 100 ألف ريال كلها مخالفات، ولم يستطيعوا سدادها بعد أن تراكمت عليهم.

نحن مع نظام «ساهر»، ومع كل نظام يردع المتهورين، لكن العقوبات وتحديدا - الغرامات - المادية لا بد أن تراعي الظروف، ومهم أن يكون هناك نسبة وتناسب ما بين قيمة المخالفات ومتوسط الرواتب، وهذا ليس بصعب على اللجان المرورية.

@MansoorShlaqi