سليمان الهويسين

بوصلة مقترحة لهيئة الأوقاف والصناديق الوقفية

الأربعاء - 09 أكتوبر 2019

Wed - 09 Oct 2019

في سياق التطوير الجاري والملموس في القطاع غير الربحي، وما طالعناه مؤخرا عن تأسيس عدد من الصناديق الوقفية المتخصصة وغير المتخصصة، وما سبقها من تأسيس هيئة الأوقاف، يعني هذا أننا أمام محافظ مالية ذات ملاءة عالية ستسهم في دعم القطاع وتمويل برامجه.

لكن وفي ظل وجود المؤسسات الأهلية (الجهات المانحة) القائمة وحضورها المؤثر وتمويلها لشريحة عريضة من برامج واحتياجات العمل التنموي المجتمعي، ودرءا لتكرار الجهود وذهابها سدى، لذا فإننا نتوقع من هيئة الأوقاف وتلكم

الصناديق نوعا آخر من الحضور والتأثير والتدخل الذي يتناسب وملاءتها الكبيرة. فلا يجدر بها أن تزاحم في سوق المنح المحدود البسيط، أو التأثير الجزئي المنقطع، بل يفترض بها أن تنطلق في آفاق أرحب تليق بقدراتها وإمكاناتها.

ومن هنا فإن البوصلة التي يتجه لها سهم الهيئة والصناديق يشير باتجاه ما يأتي:

1 - المنح المتوجه نحو بناء القدرات المؤسسية للقطاع، والذي لا يمكن لأي كيان مانح آخر أن يمارس هذا الدور بحكم حجم المنح المطلوب للقيام به، ومنسوب الإتاحة النظامية التي تتمتع بها الهيئة. ويدخل في هذا الاتجاه كل ما له علاقة بتمكين كيانات القطاع الثالث، من تعظيم عوائد المنتجات والخدمات التي يقدمها للمجتمع، إضافة إلى كل ما يمس جوانب تعزيز فعالية أداء كيانات القطاع والارتقاء بقدراتها البشرية والمؤسسية. فتدخل فيها المسارات التأهيلية التخصصية في القطاع، والأدوات التقنية الضخمة مثل أنظمة ERP المناسبة لكيانات القطاع، وهلم جرا.

2 - المنح المتوجه نحو بناء أرضية صلبة تتيح لمنظمات القطاع التواصل بفاعلية أكبر، ويعزز التكامل فيما بينها لتوسيع دائرة التأثير، وتعميق منسوبه وتحقيقه للمرجو منه. وهذا يشمل العمل على إطلاق أو رعاية الملتقيات التخصصية في القطاع، والدفع نحو إقامة بيئات (افتراضية أو واقعية) تجمع منسوبي القطاع وتتيح لهم تبادل الأفكار والتجارب وتفتح أمامهم سبل الشراكة المتينة.

3 - المنح المتوجه نحو تأسيس المراصد المجتمعية التخصصية التي توجه مسار القطاع نحو ما يجب أن يتوجه إليه، وتقدم له الأطروحات المحفزة والميسرة لجهوده المبذولة، كما تستقطب له الأدوات والمنهجيات والوسائل التي يتطلبها سعيه ويستلزمها دوره في تنمية المجتمع..

4 - المنح المتوجه نحو التوعية المجتمعية الشمولية المنهجية التراكمية الوقائية الاستشرافية، ذلك أن عملية التوعية تتطلب قدرة مالية عالية، ونفاذا رسميا خاصا يستطيع أن يدفع القطاعات المعنية بالتشارك في العمل على التوعية بالصورة المثلى التي يتوقع منها أن يكون لها أثرا حقيقيا في واقع المجتمع.

5 - المنح المتوجه نحو تحسين وتجويد الممارسات التنموية القائمة حاليا في الواقع، خاصة المتوجهة نحو سد الحاجة لدى الفقير أو المحتاج، لمحاولة تعظيم العائد منها، وربطها بأهداف تنموية أخرى مرتبطة بمسارات أخرى، على غرار تجربة البرازيل التنموية «الجوع صفر» التي ربطت مستوى حصول الفقير على المنح بتحقيقه لاشتراطات أخرى كالتفوق الدراسي والانضباط في العمل وغيرها، مما جعل دور المنح لا ينحصر في صرف الطعام أو اللباس، بل يتعدى ذلك إلى مناطق تنموية أبعد.

6 - المنح المعني بتعزيز ثقافة المؤسسات المانحة وقيامها بالدور المتوقع منها، ونشر فكرة «المنح الموجه» لدى الموسرين، وقادة المسؤولية الاجتماعية في القطاع الخاص وفقا لخارطة أولويات الاحتياج المجتمعي.

7 - المنح المتوجه نحو الجهود التي تعنى بإبراز الواجهة الحضارية والقيمية للملكة العربية السعودية كونها تضم مهبط الوحي وقبلة المسلمين. وتبني المبادرات التي تسعى لهذا الأمر، خاصة في المناطق التي تستقبل الزوار من خارج البلاد وعلى رأسها مكة المكرمة والمدينة المنورة.

8 - المنح المخصص للمبادرات التي تسعى إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي للأسر المحتاجة لتحويلها لأسر قادرة على الاستغناء عن الهبات والمساعدات والتبرعات، وتحويلها إلى الاعتماد على جهودها وأعمالها وأنشطتها في توفير دخلها والاستغناء عن غيرها.

9 - المنح الموجه إلى تعزيز الدراسات والبحوث التخصصية في القطاع لدى طلبة الدراسات العليا في الجامعات على وجه التحديد.

10 - المنح الموجه نحو تنمية شريحة الشباب والفتيات وتحصينهم من التطرف والشطط، وتحويلهم إلى طاقات ناضجة متينة فاعلة قادرة على الإسهام الإيجابي في خدمة وطنهم.

تلك عشرة كاملة، أعتقد أنها تلقي الضوء على اتجاهات تنموية تستحق أن تعتني بها هيئة الأوقاف والصناديق الوقفية وتوليها اهتمامها.

@alhwaissin