أمل السّليم

التمييز العادل!

الاحد - 06 أكتوبر 2019

Sun - 06 Oct 2019

يقول Jack Welch مدير القرن في كتابه WINNING إذا سألتني أي القيم أراها أكثر تحفيزا على العمل سأقول لك إنها التمييز، كثيرون قد يفاجؤون من هذا الجواب لأنهم يرون فيه صعوبة تطبيق أو تثبيط عزيمة أو أنه نظام قاس ومتحيز، مع أن المنصفين يعتبرونه نظاما عادلا، وأن متبعي سياسة التمييز بعدل وشفافية يحققون بيئات ناجحة في أعمالهم ويحولونها من اليأس إلى الإبداع والتنافس المهني المطلوب.

لكن ما الذي يجعل Welch يؤمن بسياسة التمييز ويرى أنها من أهم مسببات النجاح المهني؟

يعد Welch التمييز في العمل عملية توزيع الموارد بشكل عادل، فالمدير الناجح هو من يستثمر الأموال في المجالات التي تعود عليه بالربح وفي المقابل يحد من الخسارة في أي مجال آخر، فسياسة التمييز فضلا عن كونها من أكثر الأساليب عدالة في العمل فإنها تساعد على أن يربح الجميع في الأخير، فهي عملية تتطلب من المديرين تقييم موظفيهم وتقسيمهم حسب الأداء: 20% في الشريحة العليا ثم 70% في الشريحة المتوسطة و10% في الشريحة الدنيا، ثم ينبغي للمديرين التصرف بناء على هذا التقسيم.

عند وضع ذلك حيز التنفيذ سيكون التحدي للقائد في نجاح هذه السياسة فكل فئة سيكون لها حوافز ومكافآت متفاوتة بحسب تصنيفهم، فالعشرون بالمئة يستحقون المكافآت المادية والمعنوية وخيارات استثمارية وغيرها، فهم نجوم الشركة ورأسمالها الرابح، والسبعون بالمئة الشريحة الصعبة، وتمثل أغلبية الموظفين، يزداد فيها التحدي والمخاطرة، حيث يجب تحفيزهم والاهتمام بهم لرفع مهاراتهم والارتقاء بهم، أما الشريحة الدنيا 10% فيرى ويلش إبعاد أفرادها، وهذا لا ظلم فيه إذا قام على العدل، وفي هذا مصلحة لهم هم كذلك ربما ينتقلون إلى مهن يحبونها ويتفوقون فيها، وهكذا ينجح التمييز باختصار.

فكرة التمييز لم يخترعها جاك ويلش فهي قائمة في الملاعب وقد تعلمها منها! حيث يتم اختيار أفضل اللاعبين أولا ثم يتم وضع اللاعبين متوسطي المستوى في المراكز السهلة عادة في القاعدة الثانية أو الجناح الأيمن، أما اللاعبون الأضعف فعليهم المشاهدة من خارج الخطوط، فكل شخص يعرف موقعه ومستحيل أن يكون كل اللاعبين مهاجمين، فكل منهم يتقن مهارة معينة سيجري تصنيفه ووضعه في مكانه المناسب له ولمهارته، لو نفذنا ذلك سنكون أكثر إنجازا.

وعلى الرغم من نجاح فكرة التمييز في شركة جنرال الكتريك وغيرها من الشركات العالمية، وتطلب نجاحها وقتا من الزمن لإدخال مبادئ الصراحة والثقة التي جعلت من تطبيق سياسة التمييز أمرا ناجحا ومحدثا للتغيير، حيث حول المهاجمين لهذه السياسة الى مؤيدين ومعتمدين عليها في إدارة أعمالهم؛ إلا أنها وجهت لها عديد من الانتقادات وكانت مثيرة للجدل للتمييز بين الأفراد 10-70-20، ولضمان نجاحها لا بد أن يكون نظام التمييز عادلا ويعتمد على أهداف وتوقعات وجداول زمنية محددة، وبرنامج تقييم محايد، أما التمييز بالمحاباة والمجاملات فستكون فيه الشريحة العليا 20% تتكون من منافقي المدير ورفاقه والشريحة الدنيا 10% تتكون من الأشخاص الصريحين الذين يطرحون الأسئلة المحرجة ويتحدون الوضع الراهن، أما الشريحة المتوسطة بالنظام الجائر ستحتكر للأشخاص الذين يتجنبون المشاكل ولا يحتكون بالرؤساء، وهذا يحدث في بعض الأعمال لذلك هم يحتاجون إلى الأمانة والتعقل والمصداقية في نظام تقييمهم.

إحدى أهم مميزات التمييز الرئيسة أنه نظام عادل للجميع! فكل موظف يعرف مركزه الصحيح، ربما يصعب على البعض تقبل الأمر بداية، لكن سيجد أن تطبيق ذلك يساعده في معرفة هل مكانه الصحيح في هذه البيئة أم إنه يحتاج إلى مكان آخر يناسب ميوله ومهاراته.

حماية الموظفين ضعيفي الأداء ستعود عليهم بالضرر، فعدم تحملهم مسؤولياتهم يزيد من أعباء الآخرين، ويعتبر ذلك خداعا لهم، ولا يبين لهم الحقيقة، وعند التقييم يقال لهم بشكل غامض «ممتازون» ويتلقون الشكر مثل الآخرين، وعند خسارة الشركات سيكونون هم أول المسرحين وأكثرهم دهشة، لأنه لم يخبرهم أحد بالحقيقة، مع الأسف عاشوا في الوهم.

في الأخير مما أكده Welch أن عملية التمييز لا يرفضها ويتضايق منها إلا الموظفون ضعيفو الأداء، أما بالنسبة للآخرين ستكون لهم مشجعة وتحثهم على بذل المزيد، فالنقد الموجه ضد التمييز حقيقة ليس موجها ضده بل ضد قيم البعض.

رسالة Welch: إذا كنت تريد أفضل الأفراد في فريقك عليك العمل بنظام التمييز، وأنا لا أعرف أي نظام لإدارة الأفراد يفعل ذلك بشكل أفضل من التمييز العادل في ظل جو من الشفافية والصدق والعدالة والسرعة، وهو ليس نظاما معصوما من الخطأ ولكن التمييز مثل الصراحة تنقي بيئة العمل وتجعلها تسير بشكل أفضل في كل الأحوال.جاك ويلش.

رسالة الدين الإسلامي: قال تعالى «ورفع بعضكم فوق بعض درجات».