عبدالحليم البراك

أندية صحية مجانية!

الاثنين - 09 سبتمبر 2019

Mon - 09 Sep 2019

دخل المدرس العجوز على الطلاب في منتصف شهر أكتوبر، ولعل مكيف الهواء العليل يصدح في أرجاء القاعة، فقال المدرس «أغلق المكيف يا ولدي، أريدكم أن تسمعوا صوتي جيدا، وللمعلومية، هواء الرحمن أفضل من هواء اليابان»، فضج الطلاب بالضحك، لكن الرسالة وصلت، وهي إشارة إلى طلابه بالاستمتاع بالهواء الطبيعي، مقابل ضجيج المكيف، والاستمتاع بفتح النوافذ بدلا من إغلاقها وعدم تجديد الهواء، وخفضا لتكلفة التكييف. هذا بالضبط ما يحدث لك عندما تشترك في ناد صحي، إذ تتراوح أسعار الاشتراكات في أحسن الحالات من ثلاثة آلاف ريال إلى ما لا نهاية، بحسب ميزانيتك وطموحك وأحلامك وطريقة استخدامك للتصوير في السناب شات أو في حالات الواتس اب!

معظم من يكون في النادي الصحي يستخدم سير الجري، وهو عبارة عن سير جري يجعلك تجري في محلك، (التعريف صعب قليلا ولكن عليكم تحمل فلسفتي)، وقد يدخل النادي الصحي ويخرج وهو لم يستخدم إلا هذا الجهاز، وقد دفع اشتراكا شهريا وقدره، رغم أنه في الطبيعة توجد عشرات سيور الجري: مضمار، ملعب، حديقة، شوارع الحارة، ويمكنك المشي والركض في الممشى الطبيعي مجانا، وتوفر الاشتراك الشهري الباهظ الذي أنت أولى به، ويمكنك كذلك الركض بعيدا عن الآثار الجانبية، وتحتفظ بمالك لنفسك.

أما أولئك الذين يقولون لك: الجو الحار في الخارج لا يطاق، فإني أقوله له الرياضة كلها متعبة ومجهدة، وأنت تبحث عن الصحة والتعرق بذلك المجهود، وهذا الجو الصحراوي الحار هو جوك، وأجواء بلدك هي جزء منك فلن تخرج منه بعد سنة أو ستنين، لذلك من الواجب أن تتعود عليه، وعليك أن تختار الوقت المناسب، ولو تنازلت - لطفا مني - قلت: قد أقبل منك الاشتراك في الأشهر الثلاثة الحارة، لكن بعدها أو في الشتاء لا دافع لك إلا كثرة المال وقلة التفكير!

وقد يقول آخر إني أستخدم أجهزة أخرى غير سير الجري، يمكنني أن أقول هنا بكل ثقة إن ما تدفعه بشكل سنوي للمتجر الرابح من ورائك، يمكنك به صنع غرفة في منزلك هي ناد صحي لك ولوالدتك ولزوجتك أبنائك وبناتك، وبذلك تكون التكلفة مقسومة على عددكم، إضافة إلى خيار الدفع المنتهي بالتملك، فثلاثة آلاف كل سنة تمنح جهازا نموذجيا بعدة وظائف، وإن هرولت وركضت في الشارع المجاني واختلطت بالناس واختلط الناس مثلك بالناس، وتمرنت على هذا الجهاز لمدة سنة ولم تكسل ككل من يكسل، فإنك تستحق أن تكافئ نفسك بعد سنة بما قيمته اشتراك آخر وهو جهاز آخر، وهكذا.. معظم أرباح الأندية ليست من أولئك السنويين الذي يرتبطون معها لأعوام عديدة، بل من الرجال والسيدات الذين يشتركون سنة ولا يأتون إلا شهرا، أو يشتركون ثلاثة أشهر ولا يحضرون إلا ثلاثة أيام، وتنحصر استفادتهم في سير الجري السيئ الذي يضر الركب والمفاصل!

من المهم أن تجعل في سريرك الصغير ثلاث حركات رياضية لتمرين الرقبة والظهر، وفي غرفة الملابس جهازا صغيرا لبناء العضلات، وكم قليل من أدوات أثقال بجوار كنبة صغيرة تبني فيها عضلاتك اليومية وتوفر مالك وتمنح هذه الأدوات للأولاد والبنات في بيتك، أما السيدات فلا عذر لهن بعد قرارات التمكين!

في رأيي إن فكرة النادي الصحي تكمن في عقل كل إنسان، فلو تطور فكرك لجعلت من يومك ناديا صحيا، ولأصبح المشي جزءا من يومك، والغذاء الصحي جزءا من حياتك، وجعلت من أجوائنا الحارة التي هي منا ونحن منها؛ جزءا مما نتقبله كما نتقبل أجسامنا وألواننا وأشكالنا. غير من نفسك يتغير العالم حولك وتوفر مالك في جيبك!

Halemalbaarrak@