طارق جابر

الجراحة وفقر الدم المنجلي

الخميس - 05 سبتمبر 2019

Thu - 05 Sep 2019

هناك أسباب عدة لفقر الدم (الأنيميا) بنوعيه الحاد والمزمن، منها ما هو ناتج عن فقدان الدم ومنها ما هو ناتج عن خلل في إنتاجه سواء لنقص بعض العناصر كالحديد أو فيتامين (ب 12)، أو نتيجة علل أخرى من أهمها مجموعة أمراض فقر الدم الوراثية والتي تحدث عادة نتيجة خلل جيني في إنتاج مادة الخضاب أو (الهيموجلوبين).

وفي منطقتنا العربية هناك نسبة عالية من الإصابة بأشهر نوعين من هذه الأمراض، أنيميا البحر المتوسط (الثلاسيميا)، والأنيميا المنجلية.

يعد فقر الدم المنجلي أكثر أنواع أمراض فقر الدم الوراثية شيوعا، وتقدر الدراسات وجود 30 مليون مصاب في أنحاء العالم، غالبيتهم في أفريقيا، ثم الشرق الأوسط، ووسط الهند وبين ذوي الأصول الأفريقية في الأمريكتين، وهو أكثر أنواع الأنيميا الوراثية في السعودية انتشارا. تشير إحصائيات فحص ما قبل الزواج إلى أن هنالك اثنين أو 3 مرضى من بين كل ألف شخص، ومقابل كل مريض هناك عشرون شخصا حاملون للمرض، ويعتقد أن العدد الحقيقي أكثر من هذا في الواقع. وتتركز غالبية الحالات في المنطقة الشرقية من البلاد، تليها المنطقة الجنوبية الغربية.

الفرق بين المريض وحامل المرض هو أن المريض أخذ الجينات (المورثات) من كلا الوالدين وأصبحت نسبة الهيموجلوبين المريض (هيموجلوبين س او S) عنده عالية لدرجة تعوق الدم عن القيام بوظائفه، مما يجعل المريض في حاجة متكررة لنقل الدم وعرضة لمضاعفات المرض الناتجة عن تكسر الكرات الحمراء وانسداد الأوعية الدقيقة. بينما حامل المرض قد أخذ المورث من أحد الوالدين فقط، وبالتالي فنسبة الهيموجلوبين عنده منخفضة قليلا، لكن لا يحتاج إلى نقل دم ولا تبدو عليه أي أعراض وإن كان من الممكن أن يمرر هذا المورث إلى أبنائه مستقبلا.

بجانب حاجة مرضى فقر الدم المنجلي إلى مختلف أنواع العمليات الجراحية التي يحتاجها الآخرون فإنهم أكثر احتمالا لإجراء بعض العمليات مثل عمليات المرارة (معرضون أكثر من غيرهم لتكوين حصوات وفي سن أصغر) أو عمليات أخرى نتيجة الالتهابات والعدوى أو إصابات الأعضاء، ونادرا عمليات إزالة الطحال وفي حالة عدم التحضير الجيد للجراحة فإنهم معرضون أكثر من غيرهم للعديد من المضاعفات كالالتهابات وتكسر الدم وتكون الجلطات والمضاعفات القلبية والتنفسية.

إن العمليات الجراحية في هذه الشريحة من المرضى تحتاج إلى تحضير خاص يعتمد على عدة عوامل أهمها مستوى الهيموجلوبين ونسبة الهيموجلوبين S فيه ونوع العملية ومستوى الأداء القلبي والتنفسي.

إن الحاملين للمرض لا يحتاجون لإجراءات خاصة غير التي يحتاجها بقية المرضى. أما المصابون فيحتاجون إلى التأكد من مستوى جيد من التروية ونسبة الأكسجين ومنع هبوط الحرارة وعلاج جيد للألم لتجنب حدوث تكسر في الدم أو ما يعرف بـ(الأزمات المنجلية).

أما قبل العمليات المتوسطة والكبيرة فهناك عدة طرق لتحضير المريض، أبسطها رفع نسبة الهيموجلوبين عن طريق نقل الدم، وهي طريقة قد لا تنفع في جميع الأحوال، كما أنها تحمل بعض المحاذير، وأفضلها عند الحاجة هو تبديل الدم لخفض نسبة الهيموجلوبين S، مع استخدام بعض الأدوية الخاصة ومراعاة الإجراءات السابق ذكرها.

إن التعامل مع مرضى الأنيميا المنجلية أمر دارج ومتاح طبيا ولا يمنع من إجراء الجراحات اللازمة، لكن يجب أن يتم في مراكز مؤهلة تحت إشراف أطباء متخصصين في أمراض الدم.

drtjteam@