برجس حمود البرجس

دور المملكة في البتروكيماويات

الخميس - 05 سبتمبر 2019

Thu - 05 Sep 2019

تنتج المملكة الصناعات الأساسية من البتروكيماويات ومستويات مختلفة منها، ويصل هذا الإنتاج إلى أكثر من 10% من الإنتاج العالمي، وتعد المملكة من أكبر الدول المصدرة للبتروكيماويات، الحال كما هي في النفط الخام، فالمملكة تنتج أكثر من 10% من الإنتاج العالمي، وهي أكبر دولة مصدرة للنفط الخام.

يتساءل كثيرون: لماذا يتم تصدير النفط والبتروكيماويات بصناعاته الأساسية (خام) أو كمشتقات أولية؟ والجواب: هناك أسباب عدة ذكرناها سابقا، ولكن من أهمها أن الصناعات التحويلية (أو تحويل الصناعات الأساسية إلى منتجات) تكون جدواها أفضل بكثير عندما يتم تحويلها إلى منتجات قريبا من موقع المستهلك النهائي (أي في الدولة المستوردة)، ومن جهة أخرى كثيرون يعتقدون أن هذا ضياع للفرص الوظيفية، والحقيقة أنها ليست خلاقة للفرص الوظيفية بالأعداد المأمولة. ومع ذلك المملكة تعمد إلى سياسية التنوع والتوازن بين التصدير الخام والتحويل لمنتجات للاستهلاك المحلي ولبعض التصدير.

ماذا يعني أن يكون إنتاج المملكة 10% من الإنتاج العالمي للبتروكيماويات؟ هذا يعني أن 10% من المنتجات النهائية للبتروكيماويات أساسها من السعودية، أي إن 10% من البلاستيك والمطاط المستخدم عالميا مصدره السعودية، وكذلك الألياف الصناعية والمواد اللاصقة والأصباغ والمنظفات والمبيدات ومواد الطلاء والتغليف وغيرها.

فمثلا البلاستيك المستخدم عالميا في مراتب السيارات وكراسي الطائرات وعلب المياه وعلب معجون الأسنان وعلب الشامبو وأغلفة الأسلاك الكهربائية وأنابيب المياه غير الحديد، والمواد الخارجية أيضا للتلفاز واللابتوب وكل ما تراه أمام عينك بلاستيكيا في أي مكان في العالم؛ اعلم أن 10% من مصادره من السعودية، كما هي الحال في وقود السيارات 10% من وقود السيارات المستخدم عالميا مصدره من السعودية.

هذا يعزز من مكانة السعودية عالميا في الاقتصاد في المقام الأول و»الأمن الاقتصادي» إذا جاز التعبير لو وضعنا احتمال التعثر لأي سبب كان، وهنا تأتي أهمية دور السعودية بين دول العالم في توفير الإمدادات النفطية للعالم.

تصدير البتروكيماويات بأفضل أحوالها من المملكة عندما تكون صناعة أساسية أو أكثر قليلا ولكن ليس بهيئتها التحويلية، المهم أن الذي يتم شحنه على الناقلات البحرية إما غاز مسال أو سوائل أو قطع مكعبات لمواد أولية، وهي شبيهة بقوالب الثلج الكبيرة أو شبيهة بقوالب الإسفنج الكبيرة، والمادة نفسها تشبه قالب الشمع الذي يوضع على طاولة الطعام. هذه هي الطرق المثلى لتصدير الإثلين والبولي إثلين والبروبلين والبولي بروبلين.

أما لو ذهبنا إلى ما هو أعمق من ذلك في الصناعات التحويلية، فالتصدير سيكون تصديرا لعلب المياه وهي فارغة من الداخل وعلب الشامبو وهي فارغة من الداخل وما شابه ذلك، وفي هذا النوع من التصدير يسمى تصديرا للهواء، أي إن الناقلة البحرية تحمل علبا فارغة، وهي ليست الطريقة المثلى للتصدير للدول البعيدة، حيث إن التصدير الخام يمكن أن يختصر شحن 10 ناقلات بحرية بناقلة بحرية واحدة فقط، ناهيك على أن تلك العلب البلاستيكية بأفضل أحوالها تُعمل بالشركة نفسها المعبئة للماء أو الشامبو في تلك الدول.

بمعنى آخر، تخيل لو أنك تدخل السوبرماركت وتجد جميع أنواع الشامبو من مختلف الشركات بتصميم واحد. أذكر هذا التشبيه لكم لكي تتضح الصورة، ولكن العميل (المستورد) لن يقبل حقيقة بأن تفرض عليه التصميم الذي تريده، الشركات بتلك الدول تفضل تصميم العلب كما تراه مناسبا لكل شركة، والحقيقة أن كل شركة تصاميم عدة.

كثيرون يتحدثون عن أن التحويل إلى صناعات تحويلية أفضل محليا ومن ثم تصديره، ولكن هناك معوقات كثيرة وربما ذكرنا بعضها في هذا المقال. هذا لا يعني قطعيا عدم التحويل، بالتأكيد هناك حالات مجدية، ولكن لنثق أننا لا نستطيع تصنيع المواد النهائية لـ 10% من علب البلاستيك بالعالم.