عبدالله المزهر

سافروا ما وظفوني...!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الخميس - 04 يوليو 2019

Thu - 04 Jul 2019

سافرت زوجتي ـ بعلمي طبعا ـ لتنال نصيبها من البرد في الجنوب وتركتني وحيدا أرعى «شموس القايلة» في الظهران. والحقيقة أني حين اقتنعت أن تسافر هي وثلة من أبنائها وأبقى وحيدا كنت أظن أني قادر على إدارة شؤون نفسي بنفسي، وكنت واثقا أن الأمر سيمر بسلام ودون جهد مضاعف.

ولكن ثلاثة أيام فقط كانت كافية لأعلن استسلامي، فقد فشلت فشلا ذريعا مريعا حتى في اختيار المطاعم التي سأذهب إليها. أما فكرة إعداد الطعام بنفسي فإن التكاليف والأضرار التي يسببها مثل هذه التوجه قد تؤدي إلى عقوبات لا قبل لي بها بعد عودة المسافرين محملين بدرجات الحرارة المنخفضة.

صحيح أني أجيد الطبخ وأمارسه وأساعد ـ أحيانا ـ في أعمال الصيانة والتشغيل في المنزل لكني اكتشفت أني أصلح أن أكون مرؤوسا في هذا المجال على أن أكون رئيسا.

حتى شجيراتي الصغيرات كاد أن يهلكها العطش، لم أتذكر أنها بحاجة للماء أصلا إلا بعد أن تلقيت اتصالا فيه شيء من التعنيف والتوبيخ اللطيف.

والحقيقة أني لست وحيدا تماما فقد بقي معي ثلة أخرى من أبنائي، وهذا ما زاد الأمر سوءا، فهم يسرحون ويمرحون ويعيثون في كل شيء تخريبا، تصرفاتهم في المنزل مثال واضح على طبيعة الإنسان حين ينعدم الأمن. إنهم أشبه بمثيري الشغب حين يجدون الشوارع خالية من الشرطة.

ولعلها فرصة للاعتراف ـ استطرادا ـ بأن وظيفة الأم وربة المنزل هي أعظم وأنبل وأرقى وأصعب وأشق وظيفة في التاريخ، والمرأة التي تجيد هذه الوظيفة وتقوم بها بإتقان هي امرأة قوية شديدة البأس، أما التي تهرب من هذه الوظيفة لتلتحق بوظائف الرجال السهلة فليس لديها ذات القوة والصلابة. وهذا حقها بالطبع لكن من الجميل أيضا أن تقول إنها تفعل ذلك لأنها أضعف من أن تكون امرأة، وألا تعتبر تركها مهمتها الأساسية دليلا على القوة لأنه دليل على العكس.

وليس كلاما إنشائيا لا أدلة عليه في أرض الواقع حين نقول بأن امرأة قوية مؤمنة بدورها وأهميتها الحقيقية تعني مجتمعا سويا قويا منتجا بذكوره وإناثه.

وعلى أي حال..

أتمنى ألا يفهم بعض العباقرة ـ الذين تعرفون ـ أني ضد عمل المرأة خارج منزلها، هذا فهم سقيم، لكن السقماء موجودون بالطبع. كل ما أقوله إن المرأة العظيمة هي التي تدير منزلها بنفسها، فإن كانت موظفة واستطاعت التوفيق بين الأمرين فإنها لا شك أكثر قوة وصلابة مما يتخيله الرجال. وحين تهتم بالوظيفة على حساب منزلها وأسرتها فإنها تؤدي دورا مهما لكنها ببساطة ستكون في هذا الوضع مجرد مخلوق ضعيف، كالرجل تماما.

agrni@