عبدالغني القش

«خير أمة».. تنطلق من خير البلدان

الجمعة - 03 مايو 2019

Fri - 03 May 2019

مساء فاح عبير حدثه، وعبق عطر موضوعه، ولبس المكان حلة من البهاء، إذ فاح عبير النقاء، وكان ذلك مساء الاثنين الماضي، قبيل حلول شهر الخيرات والرحمات بأيام قليلة، ومن مدينة المصطفى الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وعلى يدي أمير منطقة المدينة المنورة وبحضور جمع من أصحاب الفضيلة العلماء والمعالي والوجهاء والمفكرين والمثقفين وجمع غفير من الحاضرين.

وذلك حين تم تدشين مبادرة القيم والأخلاق «خير أمة» التي تستمر على مدار عام كامل، وتتناول 12 قيمة مختلفة، حيث تم تحديدها من قبل الأمانة العامة للمبادرة، وهي: الرحمة، الإخلاص، الاحترام، المواطنة، بر الوالدين، الأمانة، الحياء، العدل، حق الجار، الصدق، النزاهة، العطاء.

ويشارك في تفعيل المبادرة عدد من الجهات والهيئات في القطاعين العام والخاص، إضافة إلى فتح المجال أمام القطاع الخيري والمراكز التطوعية والأفراد من شرائح المجتمع كافة، لتعزيز وترسيخ القيم الأخلاقية في المجتمع، وريادة في إثراء القيم والأخلاق الحميدة وتميز في بناء الإنسان اجتماعيا وثقافيا.

كم يحتاج المجتمع لمثل هذه القيم، في زمن باتت المادية تسيطر فيه على معظم أرجائه، وبات الناس يحيون حياة هامشية، بعيدة عن القيم الإنسانية، كل قد انشغل بذاته، وأصبح مشغولا بحياته، وكأنه جهازا يدار وأداة تسير على مدار، فاكتنفت المرء الهموم، وخالجته الغموم، وبات لا دخل له فيما يدور، فلا فرق عنده بين الحزن والسرور!

هذه القيم يحتاجها الجميع ليرتقي حاله إلى الأفضل، وتسمو النفوس إلى الأعلى، ولتتبوأ المكانة الأسمى.

والمتأمل يجد بالفعل أن كل القيم قد احتوتها شريعتنا الغراء وجاء بها الكتاب والسنة، لكن الوقت أضعف شيئا من شأنها ونال من بعض مكانتها، لتظهر لنا هذه المبادرة الرائعة التي أرادت إذكاءها وإحياءها في نفوس الجميع على مستوى الأسر والأفراد والمجموعات كالجيران وذوي الأرحام، ليعود مجتمعنا كما كان متراحما مترابطا لديه روح المواطنة متصفا بالحياء متمسكا بالأمانة والصدق، متصفا بالنزاهة ولديه القدرة الكاملة على العطاء.

والمتابع يتمنى استمرار هذه الفعاليات، وهو ما حققته اللجنة القائمة على المبادرة، فهي ستواصل فعالياتها على مدى عام كامل، ويبدو أنها ستواصل مسيرتها في الأعوام القادمة، فالقيم المستهدفة هذا العام بعدد شهور العام، مما يعني التركيز على قيمة واحدة كل شهر، وكنت أتمنى أن تمنح كل قيمة أشهرا عدة لتنال نصيبها الأوفر من تسليط الضوء بحيث تعود إلى مخيلة أفراده وبشكل زاه يوضح مكانتها ويبين فضلها والأجر المترتب على العمل بها.

وتزامن إطلاق المبادرة مع زمن جميل ألا وهو قدوم شهر رمضان المبارك، حيث تكون النفوس مهيأة لأعمال الخير عموما، فأبواب الجنة مشرعة وأبواب النيران مغلقة والشياطين مصفدة.

والأجمل أن يتم إطلاق المبادرة من هذه المدينة التي لها مكانة سنية ومنزلة علية في النفوس، وهي التي شهدت نزول هذه الآية الكريمة، وقد اختير جزء منها كشعار للمبادرة «خير أمة»، وضرب أهلها المثل الأعلى في القيم الإنسانية قولا وعملا.

إن المرجو أن يتفاعل الجميع مع هذه المبادرة التي تسعى لتحقيق عدد من الأهداف التي من بينها تعزيز وترسيخ القيم الأخلاق ومفاهيم التعايش والتلاحم واستثمار مكانة المدينة المنورة الدينية والتاريخية والثقافية في تنمية المجتمع، وتفعيل الممارسة السلوكية للأخلاق، وبناء برامج داعمة للقيم.

وتستهدف جميع شرائح المجتمع كالأندية والمراكز، ومواقع الجذب السياحي، والجامعات والمدارس، إضافة إلى الجوامع والمساجد والمراكز الصحية والأندية الرياضية والمجمعات التجارية، وديوانيات ومجالس الأحياء الرسمية، والهدف نشرها حتى داخل الأسر، إذا ما تشبعت بها النفوس وارتوت بها الأرواح.

الأمل يحدو الجميع في أن تبادر جميع المناطق فتطلق هذه المبادرة، ليقتدي العالم أجمع بعد ذلك ببلاد الحرمين وتتحقق الخيرية الواردة في قوله تعالى «كنتم خير أمة أخرجت للناس».

[email protected]